الانتقادات الموجهة إلى نظرية الانزياح.. كل الصور البلاغية لا تشكل انزياحات ولا تكتسب معناها إلا بعد حضورها في الخطاب مع إهمال السياق والعلاقات المتغيرة من نص إلى آخر

إن أبرز الانتقادات التي وجهت إلى نظرية الانزياح نجدها عند "أوليفييه روبول olivier Reboul في مقاله "الانزياح واللغة l’écart et le language"، فقد حاول طرح القضية بشكل يسمح بالكشف عن زيفها، مركزا اهتمامه على جانب هام في الانزياح، يتعلق بعلاقة الانزياح بالصورة.

وهنا يطرح التساؤل الآتي: إذا كانت أطروحة الانزياح تحلل الصور البلاغية فهل بإمكانها تحليل الخطاب البلاغي عامة أم أنها تحلل الأسلوب فقط؟.

ويقدم روبول في هذا الصدد اعتراضين اثنين:

أولا: إن كل الصور البلاغية لا تشكل انزياحات، ذلك أننا نجد أساليب بدون صور بلاغية، وصورا بلاغية بدون أسلوب.

ونفس الفكرة عبر عنها جورج مونان بقوله بأن هذه "النظرية التي تبرر بلا شك إحدى الخصائص في كل الأسلوب ليست –رغم ذلك- العصا السحرية التي تمكننا من كشف أسلوب من الأساليب وقياس قيمته الجمالية قياسا ثابتا".

ثانيا: إن الصور البلاغية لا تكتسب معناها إلا بعد حضورها في الخطاب.

فإذا كانت المتوالية اللفظية الآتية: "هذا المنجل الذهبي في حقل النجوم" تمثل استعارة جيدة عند جون كوهن لأنها تقوم على المنافرة بين المسند والمسند إليه، فإن هذا النوع من التحليل في نظر ربول ناقص لأنه يقوم بفصل الصورة عن السياق الخاص والعام للقصيدة.

ولفهم الصورة الأسلوبية السابقة –الاستعارة- فإن الأمر يقتضي في تصور روبول تأطيرها من خلال قراءة القصيدة كاملة.

ومما يؤخذ على نظرية الانزياح أيضا –حسب إينافانوكوس- إهمالها السياق والعلاقات المتغيرة من نص إلى آخر.

فالصور الأسلوبية في اللغة الأدبية "ينبغي أن تقيم في سياق العمل الذي ولدت فيه. والعناصر الجاذبة للانتباه تكون كذلك بالنسبة للقاعدة التي يأخذ كل نص في فرضها نظرا لصعوبة إفراد مفهوم لقاعدة يكون صالحا لكل النص".

ولعل أهم من دافع عن هذه الفكرة وطورها الناقد الأسلوبي ميشال ريفاتير.
وهو موضوع الحديث الفقرة الموالية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال