مما لاشك فيه، أن الخلفية المولييرية حاضرة بقوة في كتابة نص صنوع منذ العنوان وحتى آخر مشهد فيه.
بل إن الجملة الشهيرة التي رددها موليير في حق الممثليـن داخـل مـرتجلتـه: "آه، الممثلـون! هـذه الحيوانات الغريبة التي علينا قيادتهـا"، تلقي بظلالها على مسرحية صنوع.
فإذا كانت مرتجلة موليير قد كتبت من أجل تجسيد "صراع التمثيل" في المسرح، فإن مرتجلة صنوع تشخص نفس الصراع، إلا أن الفرق يكمن في كون الصراع هنا لا يكتسي طابعا فنيا وسياسيا، كما هو الشأن عند موليير، بقدر ما يتخذ بعدا ماديا واجتماعيا يتصل بمعيش الممثل وكرامته.
علاوة على هذا، فسمرحية صنوع تقوم على تعدد مستويات التمثيل بشكل يجعلنا أمام ممثلين يتدربون، ويفهم من حوارهم أنهم يستعدون لأداء مجموعة من الكوميديات في أمسية حاسمة لا يضاهيها من حيث الأهمية إلا الأمسية التي كان يعد لها موليير مع فرقته في مرتجلته، والتي كانت ستجري في قصر فرساي أمام الملك.
وإذا كان موليير يشارك فرقته في الإعداد فإن "جمس" مدير الفرقة في مسرحية صنوع يقوم بتوجيه ممثليه وإعدادهم أيضا.
كل هذا يؤكد لنا أن نص "موليير مصر وما يقاسيه" خرج من معطف موليير، واستوحى مرتجلته قلبا وقالبا.
وعليه، فإن أبرز مكون ميتامسرحي يستأثر بالاهتمام، ويقدم نفسه للقارئ منذ الوهلة الأولى هو النص الموازي Paratexte نفسه، ولاسيما ما يتعلق منه بالعنوان والمقدمة ولائحة الشخصيات.
لابأس من التذكير بأهمية العنوان بالنسبة للقارئ.
فهو يهمنا - عمليا - باعتباره "علامة أولى" لعمل ما، ورغبة في الخضوع للتقاليد التاريخية، ولعبا أوليا بمحتوى آت يمثل هو واجهته أو إشارته الأولى [...] فالمعلومات التي يقدمها - رغم هشاشتها جديرة بالاهتمام.
والنموذج الذي نحن بصدده جدير بالاهتمام ليس لما يستشرفه من محتوى نصي وحسب، وإنما لكونه يختزل البنية الميتامسرحية للنص بكاملها في علاقتها بالمؤلف من جهة، وبالسياق الفني والثقافي الذي أحاط بكتابته المسرحية من جهة ثانية.
التسميات
بنيات ميتامسرحية