التناص الضمني والصريح في "موليير مصر وما يقاسيه" ليعقوب صنوع.. استيحاء بنيات "مرتجلة فرساي" وتضمين بعض مقاطع مسرحياته الكوميدية السابقة



يمكن أن نميز في نص "موليير مصر وما يقاسيه" بين نوعين من التناص: أحدهما ضمني، والثاني صريح. فحضور المرجعية المولييرية كإطار نوعي وموضوعاتي للنص بشكل يكشف عن استيحاء بنيات "مرتجلة فرساي"، يعد تناصا ضمنيا.

أما التناص الصريح، فيبدو جليا من خلال تضمين صنوع لبعض مقاطع مسرحياته الكوميدية السابقة ومنها، على وجه الخصوص، مسرحية "البورصة" و"أبو ريده وكعب الخير أو البربري" و"الصداقة" ثم "الحشاش".

ولا نستغرب استحضار هذه النصوص داخل مسرحية تقوم على قاعدة سيرذاتية، ويشكل استعراض الريبرتوار الذاتي فيها جزءا من الاستراتيجية التي يقوم عليها النص لاسيما وأن هذا الأخير يريد أن يكون شهادة على صاحبه وعلى زمنه في آن واحد.

وحتى لا يبقى هذا المظهر التناصي خارج بنية النص المسرحية، فإن صنوع حاول أن يجعله جزءا من عملية التمسرح المضاعف، بحيث تتحول كل لحظة تناصية إلى مستوى تمثيلي من الدرجة الثانية.

فمتري، مثلا، يشير إلى كوميديا "البورصة" فيبدأ، توا، في أداء مقطع منها، كما أن اتفاق ماتيلده وحبيب على أداء كوميديا "البربري" يجعلهما يشرعان في تشخيص دوريهما فيها حيث يقلد هو "أبو ريده البربري" وتقلد هي "بنبه".

وهكذا تضعنا المسرحية إزاء ممارسات للمسرح داخل المسرح  بشكل يخدم التوجه السيرذاتي للنص.

إذا كانت بنية النص بهذه الطريقة تزكي الوصف الذي وسمناه به، وهو السيرة الذاتية الممسرحة، فإن ما أضفاه عليه صنوع من مظاهر الهزل والضحك يجعل هذه السيرة تتخذ بعدا آخر هو البعد النقدي.

إلا أن النقد هنا ليس موجها نحو نوع من المسرح أو نحو شخص بعينه، بقدر ما هو موجه نحو واقع بكامله يرزح تحت وطأة الإحباط الحضاري ويتخذ موقفا سلبيا إزاء واجهة للنهضة والتمدن هي واجهة المسرح.