يعدّ التراث ثروة حضارية تمثل قيم وأفكار ومعتقدات وعادات وتقاليد شعوبه، ولأن التراث يمثل هوية الأمة، كان لابد من التمسك بأصالته والمحافظة عليه، فهو التاريخ المادي، والمرآة الحقيقية لأي حضارة.
وعلاقة الإنسان بتراثه علاقة عضوية تتمثل في هويته، وترتبط في وعيه بأبعاد تاريخية ودينية وثقافية واجتماعية وسياسية على حد سواء. وتعلق الإنسان المسلم بتراثه امتداداً لشعوره بالله والكون والحياة.
ظهرت مشكلات التراث والهوية مع بداية العصر الحديث وبواكير النهضة في البلدان العربية، بعد عصور الانحطاط واصطدام الثقافة الإسلامية بالثقافة الأوروبية منذ أيام حملة نابليون على مصر، ثم ما تلا الاحتلال الغربي البغيض لمعظم الأراضي العربية والإسلامية.
فمن خلال تلك الحملة وما رافقها من بعثات عرفت البلاد الإسلامية علوم الغرب وتقنياته, وبدأت البلدان العربية تتحرك محاولةً تحديد موقفها وإظهار هويتها أمام هذا الدخيل وحضارته الوافدة.
ومن هنا شهدت البلاد العربية ظهور أفكار جديدة تفصل الإنسان عن بيئته وعاداته وتقاليده وحتى عن إسلاميته، محاولةً اللحاق بالركب الحضاري.
ومنذ ذلك الحين بدأت معركة التراث والحداثة تقوم على مصراعيها, وأخذ الاتصال بالحضارة الوافدة يتجلى في كافة مجالات الحياة، وبدأ ظهور تيارات ومدارس مختلفة.