نهاية الشاه اسماعيل الصفوي.. الإصابة بالحصبة بعد إيقاف الاكتساح العثماني للعمق الاوربي وارتكاب المذابح لتحقيق مطامحه الشخصية ونشر مذهب الشيعة

على اثر اصابته بداء الحصبة لم يستطيع الشاه اسماعيل التغلب على مرضه ففارق الحياة في مدينة سراب في شهر رجب سنة 930 للهجرة (1524 ميلادية) .
في حياة هذا الشاه الشاب فانه قد حصلت تغييرات جذرية في التكوين المذهبي للناس. وحدثت تغييرات مهمة في التكوين المعماري والفن الايراني كذلك.
ولقد اتسعت اصفهان معماريا وزادت الكثافة السكانية فيها وازدادت البنايات والجسور فيها. وشهدت تبريز ايضا توسعا واصبحت مركزا مهما من مراكز الدولة الصفوية.
حيث كان الحرير يحمل إلى حلب ودمشق عن طريق تبريز وكانت تباع القلائد الذهبية المنتجة في البصرة وفرش كاشان في اسواق تبريز.
بنيت القصور المتعددة والقبب الزرقاء والحمامات والمساجد المزينة بالنقوش التي حبكتها أيدي الفنانين الإيرانيين ويروى ان السلطان سليماً وبعد سيطرته على مدينة تبريز اخذ معه 700 عائلة تبريزية كانت اكثريتهم من الفنانين والصناع.
للشاه اسماعيل الصفوي شخصية متناقضة مزدوجة فمن جهة تراه يسرد الشعر التركي الأنيق ويسحر الألباب ببلاغته ويشتهر بين الناس بالشاعر خطائي او شاه خطائي ويحتل مكانا مرموقا بين الشعراء الاذريين القدماء ومن جهة اخرى تراه شخصية دموية يحب سفك الدماء والفتك باعدائه ولا ترقى الشفقة إلى قلبه بل يتذوق قتل اعدائه كتذوق سرده للشعر فتدبر!!
ولعل هذه الازدواجية التي يعجب منها البعض نراها تتكرر في شخصيات عديدة في التاريخ الصفوي.  
لا نستطيع ان ننكر ان الشاه اسماعيل وبتأسيسه للدولة الصفوية استطاع ان يشكل دولة واحدة على انقاض الامارات المتعددة التي كانت تحكم ايران ولكن رافقت هذا الانجاز خسائر فادحة للعالم الاسلامي.
استفادت الدول المسيحية في اوربا من الصراع العثماني الصفوي واستثمرت  هذا الصراع واستطاعت بذلك إيقاف الاكتساح العثماني للعمق الاوربي.
وقد تشكلت الحكومة الصفوية في عهد الشاه اسماعيل وعلى اسس اخلاقية وضيعة ملؤها النفاق والغش والرشاوى والظلم والاستبداد.
وقد استمرت هذه العادات حتى في عهود الذين جاؤوا بعد الشاه اسماعيل على سدة الحكم واثرت هذه الطباع السيئة وعملت عملها في طبيعة الشعب الايراني  والذين ذاقوا الهوان على ايديهم ، ولابد من ان نشير لمما لبعض ما قام به الشاه إسماعيل عندما كان يسيطر على المدن .
إذ ان هذا الشاه كان في حروبه سفاكا للدماء خشنا في التعامل لا ترقى الرحمة والشفقة الى قلبه ففي حربه مع حسين كيا الذي " كان حاكما في فيروزكوه فقد قام بمنع الماء عنهم ليلاقوا مصيرهم الاسود وعندما دخلها لم يبقِ على احد وأمر الشاه إسماعيل فتم القضاء على الاهالي الساكنين في القلعة و حرق الاناث والذكور والجهلاء والعلماء بنار غضب الزمان".
وقد استعمل الشاه اسماعيل الحرق ضد أعدائه بشكل واسع حيث يكتب عبد اللطيف القزويني حادثة  معاقبة الشاه اسماعيل لـ "محمد كره" والذي ناله غضب الشاه مايلي : 
تم جمع حطب كثير في ميدان اصفهان ثم أضرم فيه النيران وألقى فيها كلاً من محمد كره واتباعه مثل حسين كيا وعددا من الثوار الذين آزروه حيث سقوا نارا حميما وصلوا عذابا اليما وتم احراق  حسين كيا ومحمد كره في حضور رسول السلطان العثماني يلدرم بايزيد ، والمخجل في الامر ان هذا المؤرخ الذي لا يعرف الحياء يعلق بعد سرده لهذه الحادثة بقوله:
" لقد كان المؤلف ضمن القافلة المظفرة المنتصرة وشاهدا على هذه الحوادث ".
يصف الدكتور ذبيح الله صفا هذه الاحداث بقوله:
لقد قام الشاه اسماعيل ومن اجل تحقيق مطامحه الشخصية ونشر مذهب الشيعة في ايران بمذابج عديدة وأراق دماء الكثيرين، حيث قام ولسبب بسيط بالاغارة على أهالي مدينة طبس " شرق ايران " والفتك بسبعة ألاف من اهاليها على حين غفلة ليعلق احد مؤرخيه بقوله "وبذلك أطفأ الشاه نار غضبه".
هذا التعطش للدماء كان يبرز باشكال مختلفة فتارة يقومون بهذه الاعمال باسم الدين ونشر الدين وتارة يلبسونها بلباس السياسة فيقومون بها تحت  ذريعة الحفاظ على الملك وحينا اخر لتسكين نار الحقد والنفاق وفي هذا المجال كانوا لا يتورعون عن قطع الرؤوس وتمزيق الاشلاء واذا لم يكن يسكن غضب الشاه فان الذبح والقتل كان يشمل اقارب المغضوب عليه بدءا من عائلته ووصولا الى ابناء عمومته  حيث ان صحائف التاريخ الصفوي مليئة بهذه الفضائح.
يقول احد الرحالة الايطاليين باسم "أنجلو" وقد شاهد الشاه اسماعيل وامدنا بمعلومات مستفيضة عن الشاه وطبائعه وسيرته فكتب ما يلي حول  مقتل وعمل مذبحة في جنود الوند ميرزا ونسائه ورجاله وعائلة السلطان يعقوب البايندري وثلاثمائة من اتباعه وكل من كان معه في المدينة: "لا اعتقد انه قد ظهر منذ عهد نيرون ولحد الان ظالمٌ مثل هذا".
أحدث أقدم

نموذج الاتصال