أهل الحداثة ومحاولة تفجير العربية وتحويلها إلى ركام من التراكيب والدلالات غير ذات معنى.. الناقد يتحدث بأسلوب موغل في الغموض والتعمية وغير مفهوم وبلغة غريبة

هناك دعاوى رامية إلى تفجير العربية وتحويلها إلى ركام من التراكيب والدلالات التي يعجز اللبيب عن إدراك مراميها فضلا عن المثقف العادي.

وقد بلغ مداه وأقصاه في ما يسمون أنفسهم (أهل الحداثة)، والحداثة أمرها محدث وشر الأمور المحدثات، لم يفكروا في حداثة تحافظ على خصوصيتنا وهويتنا وشريعتنا، وتوقف نزيف الكلمة الطيبة التي نحروها على نصب الغموض والرمز وعبث القول والحداثة العربية في جميع صورها إنما راجت لسببين أساسين هما:
1- جنوح الناس إلى الخروج عن المألوف، و لُهاثهم خلف «العصرنة»!!
2- الخلط بين الحداثة ـ وإن شئت فقل بين الهدم ـ والتجديد.

ولما ظهرت مدارس «اللامعقول» المتنوعة (السوريالية، العبثية، العدمية، الوجودية) كتب النقاد عنها باعتبارها أكبر انقلاب حداثي، وأسمى سارتر مجلته «العصور الحديثة»!!

وفي الستينيات زعمت البنيوية أنها الثورة الحداثية التي لم يشهد التاريخ لها من نظير.
ولكن نقيضها «التفكيكية» سرعان ما ظهر في أواخر العقد نفسه مدعياً الدعوى نفسها.

وفي أمريكا كانت موجة «الهيبيز» آخر صرعة في نظر مفكري ذلك العقد، والآن تلاشت وارتد كثيرون للأصولية الإنجيلية.

وكما أصابت شظايا تفجير اللغة الأدب الشعري فقد امتدت لتطال النثر وخصوصاً النقد: فالناقد يتحدث بأسلوب موغل في الغموض والتعمية وغير مفهوم وبلغة غريبة، سواء في ما ترجم من مؤلفات النقاد أو في كثير من الكتب النقدية، كل ذلك باسم الحداثة وتفجير اللغة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال