إن للسيرة الذاتية نكهة خاصة، لأن الكاتب يتحدث فيها عن نفسه، فنحس بأن الكلفة قد رفعت بيننا وبينه كما يقول الدكتور إحسان عباس في كتابه: "وكاتب السيرة قريب إلى قلوبنا، لأنه إنما كتب تلك السيرة من أجل أن يوجد رابطة مابيننا وبينه، وأن يحدثنا عن دخائل نفسه وتجارب حياته حديثا يلقى منا آذانا واعية، لأنه يثير فينا رغبة في الكشف عن عالم نجهله، ويوقفنا من صاحبه موقف الأمين على أسراره وخباياه، وهذا شيء يبعث فينا الرضي"[1].
وإن السيرة الذاتية تعتبر إحدى الجوانب الهامة النابضة بالحياة السردية للذات المحورية وإحدى التجارب الحية المضيئة في حياة أصحابها، خاصة إذا كانت الذات الكاتبة هي صاحبة القلم التي سطرت هذه السيرة ووضعت فيها من نفسها وخاطرها وفكرها وذاكرتها وتاريخها كل مايعطيها تأشيرة مرور إلى الساحة الإبداعية كعمل أدبي له مقوماته ومزاياه الخاصة، حيث تتسم السيرة الذاتية في هذه الحالة بميسم الصدق الفني والتعبير الذاتي النابع من خطوط عريضة لحياة الذات الكاتبة.
وما أصدق الدكتور جونسون الأديب الإنجليزي الشهير، حين يقول: "إن حياة الرجل حين يكتبها بقلمه هي أحسن ما يكتب عنه".[2]
[1]- "فن السيرة" للأستاذ إحسان عباس، ص: 101.
[2] - "التراجم والسير" للأستاذ محمد عبدالغني حسن، ص:23.