الخلع في القبيلة العربية.. إعلان القبيلة على رؤوس الأشهاد التبرؤ من أحد أبنائها إذا وجدتْ أنهم غير جديرين بالانتساب إليها



كان شائعاً أن تخلع القبائل بعض أفرادها، وذلك إذا وجدتْ أنهم غير جديرين بالانتساب إليها... ولا تسلك هذا السلوك إلا إذا اضطرت إليه اضطراراً، ورأت إنها لم تعد قادرة على تحمل المسؤولية تجاه الفرد الخليع، وخاصة إذا كانت جرائرة كبيرة، وتخشى أن تخوض بسببها معارك مع قبائل أخرى، لا طاقة لها بها.

وكانت صورة الخلع تتم بأن تعلن القبيلة ذلك على رؤوس الأشهاد، وتنادي بخلعه في المواسم، وقد يكتبون كتاباً يحفظونه عندهم، أو يعلقونه في مكان عام، ليقف عليه الناس. أمّا ما يقال عند الخلع فقد ورد انهم كانوا يقولون: "إنا خلعنا فلاناً فلا نأخذ أحداً بجناية تجنى عليه، ولا نؤاخذ بجناياته التي يجنيها".([1])

وقد عرض د. يوسف خليف للأسباب التي كانت تدفع القبائل العربية، عصرئذ، لخلع بعض ابنائها، وهي: ([2])

- أن يقتل أحد أفراد القبيلة فرداً منها، وهنا تجد القبيلة نفسها في موقف حرج، فالقاتل والمقتول من أبنائها، ولكل منهما حق الحماية والنصرة، وكان سادة القبيلة يقومون بدور الوسيط بين الفريقين، حتى لا يؤدي الأمر إلى انقسام القبيلة على نفسها، فتجتمع جماعة من الرؤساء إلى أولياء أمر المقتول، ويسألونهم العفو، وقبول الدية، فان أصروا على الثأر فكانت المشكلة تحل على أحد وجهين: أما أن يقتل القائل بأيدي قومه، وأما أن تخلعه قبيلته.

- وقد يحدث أن تتعدد جرائر أحد أفراد القبيلة، حتى تجد نفسها عاجزة عن نصرته  فتضطر إلى التخلص من هذا الفرد، مفضلة أن تضحي بفرد واحد على أن تضحي بجماعة من أفرادها، مُلْقيةً عليه تبعات جرائمه، يتحملها هو وحده.

- وقد يحدث أن يسوء سلوك أحد أفراد القبيلة من الناحية الخلقية، حتى يصبح وجوده بها وصمة في جنبيها، فترى أنها أمام عضو فاسد لا يرجى إصلاحه، فتتبرأ من نسبته إليها، حرصاً على سمعتها، وتخلعه.

[1]- انظر: لسان العرب  وتاج العروس، مادة خلع.
[2]- د. يوسف خليف: الشعراء الصعاليك، ص 91-92