فن التوقيعات في العصر العباسي.. ما يوقع به الخليفة أو الوزير أو الوالي على ما يرفع إليه من شكوى أو تظلم



فن التوقيعات في العصر العباسي:

تعريفها: 
هي ما يوقع به الخليفة أو الوزير أو الوالي على ما يرفع إليه من شكوى أو تظلم (أشبه بما يسمى في عصرنا الحاضر بالشرح على المعاملات).

كثرتها في العصر العباسي:
كثرت التوقيعات في العصر العباسي جدا منذ الخليفة الأول (السفاح).

مميزات التوقيعات:
1- إيجاز القِصَر.
2- بعض المحسنات البديعية.
3- الاقتباس.

وقد سمي هذا الفن بالتوقيعات، نسبة إلى ما يوقعه الخليفة أو عماله على الرقاع والرسائل التي ترد حاضرة الخلافة، بطلب أو شكوى أو مظلمة.
وقد عرفه العديد من العلماء قديما وحديثا.
فمن القدامى نجد أبو محمد عبد الله بن محمد البطليوسي (521هـ – 1127م) يعرفه: (وأما التوقيع، فإن العادة جرت أن يستعمل في كل كتاب يكتبه الملك، أو من له أمر ونهي، في أسفل الكتاب المرفوع إليه، أو على ظهره، أو في عرضه، بإيجاب ما يسأل أو منعه).
ومن الأدباء المعاصرين نجد الدكتور شوقي ضيف أنه يقدم تعريفها بأسلوب آخر سهل: (التوقيعات عبارات موجزة بليغة تعود ملوك الفرس ووزراءهم أن يوقعوا بها على ما يقدم إليهم من تظلمات الأفراد في الرعية وشكاواهم، وحاكاهم خلفاء بني عباس ووزراءهم في هذا الصنيع، وكانت تشيع في الناس ويكتبها الكتاب ويتحفظونها وظلامته، وقد سموا الشكاوى والظلامات بالقصص لما يحكي من قصة الشاكي وظلامته، وسموها بالرقاع تشبيها لها برقاع الثياب).
والوقع أن التوقيعات في بنيتها الشكلية ترتبط باللغة العربية وإيجازها البليغ.
فصفة الإيجاز كانت واضحة وبارزة في أقوال العرب في مختلف العصور.
ولكن هذا الفن قد حافظ على ذلك الإيجاز حتى نجد الكتاب والبلغاء في العصر العباسي الذهبي يتنافسون في الإبداع فيه في قوالب من الإيجاز.
وكانت توقيعات أسرة البرامكة وبني سهل مثل جعفر والفضل ابن يحي بن خالد آية في البلاغة ولمعة في البيان، حتى تروج عند ناشئة الكتاب وطلاب الأدب، فأقبلوا عليها ينقلونها ويتبادلونها ويحفظونها وينسجون على منوالها، يقول ابن خلدون: (كان جعفر بن يحيى يوقع في القصص بين يدي الرشيد ويرمي بالقصة إلى صاحبها، فكانت توقيعاته يتنافس البلغاء في تحصيلها للوقوف فيها على أساليب البلاغة وفنونها، حتى قيل: إنها كانت تباع كل قصة منها بدينار).
وبلغ إعجاب جعفر بن يحيى بالتوقيعات أنه كان يوصى كتابه: (إن استطعتم أن يكون كلامكم كله مثل التوقيع فافعلوا).