ثورة دير الزور الإرهاصات الأولى لثورة العشرين.. أول قوة وطنية عراقية أضرمت نار تلك الثورة خرجت من دير الزور السورية



ثورة دير الزور الإرهاصات الأولى لثورة العشرين:

إن دير الزور في ثورتها التي امتدت مايزيد على ثمانية أشهر كانت الإرهاصات الأولى التي أشعلت الثورة في العراق والتي تعتبر من أهم الثورات في وادي الرافدين.
وقد أنكر بعض الباحثين أو المؤرخين أية صلة بها.

إلا أن المنصفين من المؤرخين أقروا بذلك وجعلوا ثورة دير الزور أهم مقدمات ثورة العشرين. إن لم تكن ثورة الجنوب هي التواصل للثورة في دير الزور، ففي حين كانت تخبو وتهدأ في دير الزور نتيجة الاحتلال الفرنسي لسورية، وانقطاع الإمدادات المادية والسلاح عنها. تنفجر في الرميثة في 30 حزيران 1920 لتعم العراق بكامله.

لمحات اجتماعية في تاريخ العراق الحديث:

ومن الذين كتبوا إنصافاً للحقيقة نذكر منهم: د.علي الوردي في كتابه "لمحات اجتماعية في تاريخ العراق الحديث حيث يقول: "إن اندلاع الثورة المسلحة في الرميثة في 30 حزيران 1920.

سبقت أمور أربعة يمكن اعتبارها عوامل ممهدة له هي:
1- أحداث دير الزور.
2- واقعة تل عفر.
3- أحداث رمضان في بغداد.
4- نفي ابن شيرازي."([1]).

*ويقول الدكتور وميض عمر جمال نظمي في كتابه القيم "الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة القومية العربية الاستقلالية في العراق" مايلي: "في أيار /مايو 1920 كان الضباط العراقيون قد نظموا جيشاً فعالاً نسبياً، يمثل خطراً جدياً للإنكليز، ويهدد وجودهم في الموصل. إلا أن الغزو الفرنسي لسورية في تموز 1920، بدد حلم الضباط بتحرير العراق بحرمانهم من مؤازرة دمشق. ومع ذلك كان الدير وتل عفر مقدمة لانتفاضة عامة"([2]).

ثورة الملك حسين:

- أما المؤرخ العراقي عبد الرزاق الحسني فكتب: ".. والذين قدر لهم أن يكتبوا عن.. الثورة العراقية الكبرى" اختلفوا في بيان مقدماتها وعواملها، وأسبابها، حتى نتائجها. اختلافاً جعل دارسي تاريخ هذه النهضة على حداثة عهدها. غير مطمئنين إلى ماوصلت إليه يد البحث، ولا مؤمن بمعظم مانشر عنها.
فقد وصفها فريق بأنها كانت جزءاً من ثورة "الملك حسين". وأدلى آخر بأنها كانت من متممات الحوادث الدامية التي جرت في دير الزور وتل عفر، وغالى فريق ثالث فقال: إنها كانت فراتية بحتة"([3]).

استقلال الحجاز وسوريا والعراق:

- ويعترف وزير في العهد الملكي جلال بابان بقوله: "إن من الواجب أن أذكر بأن حصول الحجاز على استقلاله كدولة مستقلة، وما كان جار من قبل الملك فيصل بن الحسين من جهود فعالة لضمان استقلال سورية، ومقاومة الاستعمار الفرنسي لها. والحركة الاستقلالية التي قام بها العراقيون في دير الزور وتل عفر. فقد كان لهذه النتائج الأثر البالغ في نفسية العراقيين"([4]).

تخريب سكة الحديد بين سامراء والشرقاط:

- أحمد قدري طبيب الملك فيصل ومرافقه قال: ".. كان رمضان الشلاش قد أخرج الإنكليز منها في 11 كانون 1919، وعين فيصل مولود مخلص حاكماً لها (يقصد دير الزور).
وقد سافر إلى الدير بعد إعلان الاستقلال بقليل جميل المدفعي وعلي جودت وتحسين علي لترؤس الحركة.
ولم يكد ينتهي شهر آذار حتى بدأت العصابات تشن هجماتها، وتبلو بلاءها في العراق، وكان في بادرة أعمالها تخريب سكة الحديد بين سامراء والشرقاط.
كما أن قوى جميل المدفعي هاجمت تل عفر، وقتلت الميجر باولو والكابتن استوارت، ونسفت دار الحكومة بالديناميت بمن فيها، فسيرت إليه القيادة البريطانية من الموصل قوى كبيرة، فانسحب إلى الدير. وكان ذلك إيذاناً باندلاع ثورة العراق"([5]).

ثورة العراق على الإنكليز:

- الدكتور أحمد طربين المؤرخ العربي المعروف قال "لما نشبت ثورة العراق في ربيع عام 1920 على الإنكليز، وتألفت في دمشق لجنة خاصة للإشراف على الثورة، وإجراء الاستعدادات اللازمة لإنجاحها.
وكان ذلك أن توترت العلاقات بين بريطانيا والحكومة العربية المؤقتة. بل إن أول قوة وطنية عراقية أضرمت نار تلك الثورة خرجت من دير الزور السورية"([6]).

هوامش:

([1]) د.علي الوردي- لمحات تاريخية من تاريخ العراق الحديث –ج5- ص130- مصدر سابق.
([2]) د. وميض جمال عمر نظمي –الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة القومية العربية الاستقلالية في العراق. مصدر سابق ص195.
([3]) عبد الرزاق الحسني –الثورة العراقية الكبرى- مصدر سابق ص101.
([4]) المصدر السابق ص206.
([5]) د. أحمد قدري- مذكراتي عن الثورة العربية – طبعة ثانية- وزارة الثقافة السورية- دمشق 1993-ص207.
([6]) د.أحمد طربين- الوحدة العربية بين 1916-1945- القاهرة- المطبعة الكمالية- 1959- ص26.
زبير فيصل قدوري