من الصعب ربط حالات التشيع بوضع اجتماعي " معياري " يمكن الركون إليه علميا في تحديد سبب أساسي أو طاغ وقف وراء تشيع هؤلاء، سواء في الوسط السني أو في الوسطين الاسماعيلي والعلوي، لاسيما منه الجانب الاقتصادي، أو ما أشير إليه في بعض وسائل الإعلام بـ " الفقر والحاجة إلى الأموال الإيرانية ". فالقسم الأكبر من المتشيعين السنة في دمشق (64.4 بالمئة) ينتمون لعائلات تجارية أو مهنية وضعها الاقتصادي جيد أو ممتاز. كما أن القسم الأكبر منهم (حوالي 69 بالمئة) من حملة الشهادات الثانوية أو المعاهد المتوسطة وما فوق. واقتربت النسب في حلب من هذا الإطار. حيث سجل البحث أن 61 بالمئة من متشيعي حلب ذوو وضع اجتماعي ـ اقتصادي متوسط أو جيد. فيما كان معظم الفقراء المتشيعين منهم (39 بالمئة) ذوي أصول شعية بعيدة (جددوا تشيعهم). أي أن دافعهم إلى ذلك " ديني ". ولم تتجاوز نسب المتشيعين لأسباب " مالية" في الوسط السني إجمالا (في جميع المحافظات التي جرى مسحها) الـ 3 بالمئة.
وسجلت الدراسة " مفارقة ظريفة " في هذا المجال، وهو أن بعض السنة المتشيعين، وخصوصا طلاب الجامعات منهم، غير ملتزمين دينيا، وكان تشيعهم، حسب ما أفادوا للباحثين، " لأنهم أرادوا الحصول على مبلغ مالي لتسديد نفقات الدراسة أو الزواج رغم أن الالتزام الديني، سواء أكان سنيا أو شيعيا، إسلاميا أو مسيحيا، لا يعني لهم شيئا ". وهو ما يمكن أن يصنف تحت عنوان " الانتهازية ". مفارقة ظريفة أخرى سجلتها الدراسة في الملحق الإضافي لجهة المتشيعين السنة، لا سيما من تشيع منهم بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان الصيف الماضي، وهي أنهم " تشيعوا حبا بحزب الله وحسن نصر الله "!
في إطار التشيع في الوسط العلوي، أشارت الدراسة إلى أن الأغلبية الساحقة من المتشيعين (حوالي76 بالمئة) هم من الطلاب أو العاطلين عن العمل. ولاحظت الدراسة أن قسما من المتشيعين العلويين هم من العسكريين. وهذه الملاحظة منقولة من إفادة أحد رجال الدين العلويين في طرطوس، لأنه من الصعب معرفة النسبة الحقيقية من المتشيعين العسكريين، لأسباب " لوجستية " مفهومة.
أما المتشيعون في الوسط الإسماعيلي فجلهم (حوالي 84 بالمئة) من الفئات الوسطى وما فوق، منهم 68 بالمئة من حملة الشهادات الثانوية وما فوق.