التشيع في سوريا.. التركيز على العائلة الفقهية الشيعية دون الحديث عن عملية تبشير شيعي وإنما ظاهرة تشيع مأجور أو ظاهرة ارتزاق مذهبي

- إن معظم حالات التشيع جرت وتجري في الوسط الإسلامي المعتبر تاريخيا وفقهيا من " العائلة الفقهية الشيعية " (اسماعيليون، علويون..).
- إن نسبة التشيع المتواضعة جدا (2 بالمئة) في الوسط السني لا تسمح بالحديث أبدا عن "عملية تبشير شيعي" في هذا الوسط، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن قسما من هؤلاء ينحدرون أصلا من عائلات شيعية تسننت مع الزمن لاعتبارات مختلفة.
- إن نسبة المتشيعين لأسباب اقتصادية ـ مالية (الوضع الاقتصادي ـ الاجتماعي) لا تسمح بالحديث عن "ظاهرة تشيع مأجور " أو " ظاهرة ارتزاق مذهبي".
- إن الغالبية الساحقة من حالات التشيع الاسماعيلي تندرج في " الإطار الطقسي " و " الرمزي" إذا جاز التعبير، كالالتزام بالصلوات الخمس في مساجد ينفصل فيها النساء عن الرجال بدلا من الصلوات " شبه المختلطة " عند الاسماعيليين حيث النساء الملتزمات دينيا منهم لا يعنين كثيرا بوضع الحجاب وإزالة المكياج أثناء الصلاة. وبالنسبة للمتشيعين العلويين، تلاحظ الدراسة أنها اقتصرت في غالبيتها الساحقة على الرجال (93 بالمئة). أما النساء المتشيعات فلم يلتزمن بما يعرف بـ " الشادور " (الحجاب)، واكتفين بعطاء عادي للرأس. و يعود هذا أساسا إلى أن الفقه الجعفري، على الطريقة العلوية، يعفي النساء من واجباتهن الدينية. (المرأة غير مكلفة شرعيا).
- إن استمرار وتيرة التشيع على هذا النحو في الوسطين الاسماعيلي والعلوي، سيؤدي إلى " انقراض " الطائفة الأولى نظريا خلال عقد من الزمن، وإلى " انقراض" الثانية خلال ربع قرن.
- حددت الدراسة نسبة الإنحراف المعياري بـ ± 2.5 بالمئة.
- وفي تقديمه للبحث أشار نزار نيوف إلى أن حركة التشيع في سوريا بدأت مع العلامة عبد الرحمن الخير (المولود في العام 1925). لكنها لم تأخذ بعدا جماعيا منظما إلا مع جميل الأسد، شقيق الرئيس الراحل، الذي أسس " جمعية الإمام المرتضى " مطلع الثمانينيات الماضية لأسباب "مافيوية - سياسية - مذهبية مركبة" حسب تعبير الكاتب.
حيث "كان همه الأساسي التربح والتكسب من خلال الحصول على أموال إيرانية بذريعة تمكين أعضاء جمعيته، لاسيما العلويين منهم، من أداء فريضة الحج (...) رغم أن العلويين، كما الاسماعيليين، لا يؤدون هذه الفريضة لحجج فقهية وتاريخية مختلفة، بعضها يتصل بأن الحجر الأسود الموجود اليوم ليس الحجر الأسود الأصلي الذي أخفاه القرامطة، وبعضها الآخر ينطلق من اجتهاد فقهي يرى أن الحج والدوران حول الكعبة هو طقس وثني صرف ". ومن المعلوم أن الرئيس السوري الراحل حل جمعية الإمام المرتضى في العام 1984 وحظر نشاطها قانونيا بقرار من رئيس مجلس الوزراء آنذاك عبد الرؤوف الكسم. كما وأشار في تقديمه إلى واقعة أن الرئيس السوري الراحل "كان يعارض بقوة عملية التشيع (...) بدليل أنه أمر باعتقال أحد أطباء الأسنان العلويين في طرطوس، المهلب حسن، وبمصادرة كل المطبوعات والمنشورات التي كان يتولى إحضارها من إيران ". وليس معلوما المصير الحقيقي لهذا الطبيب، ولو أن بعض المعلومات تشير إلى أن الرئيس الراحل "أمر بتصفيته وهو رهن الاعتقال".
 لكن الملاحظة الأهم في المقدمة هو إشارة الكاتب في تقديمه إلى أن " عملية التشيع في الوسط العلوي والاسماعيلي أكثر خطورة وكارثية على المجتمع السوري من تشيع المسلمين السنة بما لا يقاس (...). فالفروق بين السنة والشيعة تكاد لا تذكر، من حيث التزمت والتعصب الفقهي والطقسي، بينما تشيع العلويين والاسماعيليين والدروز هو الخسارة الحقيقية للتعددية الثقافية في سوريا، بالنظر لأن هؤلاء هم الورثة الحقيقيون للفكر الاعتزالي وللثورة الثقافية الإسلامية في القرنين التاسع والعاشر، وآخر بقاياها (...) فضلا عن أنها طوائف علمانية إذا جاز التعبير ؛ بمعنى أنها طوائف تفصل الزمني عن الديني في عقائدها، ولا تؤمن أصلا بفكرة الدولة الإسلامية ". ومن هنا، يقول الكاتب، على القوى العلمانية والمعارضة في سوريا "أن تتعاطى مع عملية تشيع هذه الطوائف باعتبارها كارثة ثقافية وطنية لا بوصفها خطرا متربصا بالبنية الديمغرافية لسكان سوريا كما يحاول أن يصور الأمر، على نحو شديد الابتزال والسطحية والانتهازية المذهبية ـ السياسية، كل من خدام وجماعة الإخوان المسلمين (...). ذلك لأن جمهور هذه الأقليات الإسلامية الثلاث هو في الواقع الخزان الحقيقي والأهم والأكبر للحركات العلمانية واليسارية والديمقراطية (...) وبانقراض هذه الطوائف تصبح مهمة القوى الديمقراطية والعلمانية عسيرة جدا، إذ سيتوجب عليها آنذاك النحت في الصخر السني بدلا من الغرف من البحر العلوي ـ الاسماعيلي ـ الدرزي ـ المسيحي"!

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال