إنّ الأدب المقارن ليس مطالباً بأن يساهم في فهم الأدب العربي وعلاقاته وامتداداته الفكرية والفنيّة الخارجية فحسب، بل هو مطالب أيضاً بأن يساهم في تقديم إجابات عن القضايا والأسئلة الثقافية الرئيسة للمجتمع العربي في هذه المرحلة من تطورّه.
فكلّ علم من العلوم الإنسانيّة لا يساهم في تقديم تلك الإجابات يصبح علماً هامشياً ويكون مصيره الزوال.
وفي مقدمته القضايا التي ينبغي للأدب المقارن أن يساهم في معالجتها قضيّة حوار الثقافات.
إنّ قسماً كبيراً من ذلك الحوار الذي بات أكثر إلحاحاً مما كان عليه في أيّ وقت مضى يمكن أن يتمّ من خلال التبادل الأدبيّ ترجمة وتوسيطاً نقدياً.
وإذا كان حوار الثقافات يعني، من بين ما يعنيه، أن يتعرّف أهل كلّ ثقافة إلى ثقافة الشعب الآخر بصورة أفضل، وأن تزال حالات سوء الفهم والتحاملات والصور المشوّهة والأحكام المسبقة التاريخية والمعاصرة.. فإنّ باستطاعة الأدب المقارن أن يؤدّي دوراً كبيراً على هذا الصعيد.
فهو يساعد في تسهيل التبادل الأدبي وتفعيله، وفي التقريب بين الشعوب وإبراز العناصر المشتركة بينها، وذلك من خلال مقارنة آدابها وثقافاتها، بعضها بالبعض الآخر.
وهذا دور ثقافي حيوي في زمن تصاعدت فيه حدّة الصراعات الثقافية في العالم، مما حمل بعض المنظّرين على الاعتقاد بأنّ "حرب الثقافات" ستحلّ محلّ حرب الإيديولوجيات وصراع الطبقات.
إنّ التبادل الأدبي والثقافيّ هو خير وسيلة لإحلال حوار الثقافات وتعايشها محل الصراع والتناحر الثقافيين، وإحلال التسامح الثقافيّ محلّ التعصّب الثقافي.
التسميات
أدب مقارن