المدرسة الأمريكية في الأدب المقارن.. تجاوز الحدود اللغوية والقومية للآداب ومقارنة الأدب بالفنون ومجالات الوعي الإنساني الأخرى

إذا أخذنا الأدب المقارن بمفهومه النقدي الذي يعرف بالمدرسة الأمريكية، ذلك المفهوم الذي يدرس الأدب المقارن بموجبه الظواهر الأدبية في جوهرها الجماليّ بصورة تتجاوز الحدود اللغوية والقومية للآداب من جهة، ويقارن الأدب بالفنون ومجالات الوعي الإنساني الأخرى من جهة ثانية، فإنّ استخدام هذا المنهج المقارن في دراسة الأدب العربي أمر عظيم الفائدة.

فالعديد من ظواهر الأدب العربي لا يفهم بصورة سليمة إلاّ إذا استخدم المرء ذلك المنهج.

هل يمكن أن تفهم أجناس رئيسة في الأدب العربي، كالمسرحية والرواية والقصّة القصيرة والأقصوصة، مالم تؤخذ أبعادها الخارجية والعالميّة في الحسبان؟

وهل يمكن أن تفهم المدارس والاتجاهات الأدبية، الفنيّة والفكرية، في الأدب العربي الحديث بمعزل عن تلك الأبعاد؟
من يستطيع أن يفهم الرومانسيّة في الأدب العربي بمعزل عن تأثرها بالرومانسيّة في الآداب الأوروبية؟‌!

ألم يتفاعل الأدب العربي، قديمه وحديثه، مع الاتجاهات الفكريّة الأجنبيّة، بدءاً بتفاعله مع الفلسفة اليونانية القديمة والحكم الهنديّة والفارسيّة، وانتهاء بتفاعله مع الفلسفتين الأوروبيتين الحديثتين الوجودية والماركسية؟
وماذا عن علاقة الأدب العربي بالفنون التشكيلية وبالموسيقى والغناء؟

أليس من المثير معرفيّاً أن تدرس تلك العلاقة وأن يظهر الباحثون أوجه التشابه والاختلاف بين تطوّر تلك الفنون وبين تطوّر الأدب العربي؟
وماذا عن عالميّة الأدب العربي؟

إنّ مفهوم "الأدب العالمي" هو أحد المفاهيم الرئيسة في الأدب المقارن، ونحن معنيّون بأن يتجاوز الأدب العربي حدود المحليّة، وأن يُعترف به كأحد الآداب الكبرى في العالم.

وهذا لا يمكن أن يتمّ ما لم يترجم أفضل أعماله إلى اللغات الأجنبية، ويقدّم نقديّاً بصورة مناسبة، ويستقبله المتلقون في العالم على نطاق واسع.

أمّا العلم الذي يرصد مدى نجاح الأدب العربي في بلوغ العالميّة إنتاجاً وترجمة وتوسيطاً واستقبالاً فهو الأدب المقارن، الذي يمكن أن يكون دليل الأدب العربي إلى العالميّة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال