الحكم التكليفي للبيع.. حكمة مشروعية البيع ظاهرة هي الرّفق بالعباد والتعاون على حصول معاشهم

اتّفق الفقهاء على أنّ البيع مشروع على سبيل الجواز، دلّ على جوازه الكتاب والسّنّة والإجماع والمعقول.
فمن الكتاب قوله تعالى: (وأحلَّ اللّه البيعَ) وقوله عزّ وجلّ: (لا تأكلوا أموالَكم بينكم بالباطلِ إلاّ أن تكونَ تجارةً عن تَرَاضٍ منكم).
وأمّا السّنّة فمنها: «أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سُئل: أيّ الكسب أطيب؟ فقال: عمل الرّجل بيده، وكلّ بيع مَبرور» وكذلك فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم وإقراره أصحابه عليه. والإجماع قد استقرّ على جواز البيع.
أمّا المعقول: فلأنّ الحكمة تقتضيه، لتعلّق حاجة الإنسان بما في يد صاحبه ، ولا سبيل إلى المبادلة إلاّ بعوض غالباً، ففي تجويز البيع وصول إلى الغرض ودفع للحاجة.
هذا هو الحكم الأصليّ للبيع، ولكن قد تعتريه أحكام أخرى، فيكون محظوراً إذا اشتمل على ما هو ممنوع بالنّصّ، لأمر في الصّيغة، أو العاقدين، أو المعقود عليه.
وكما يحرم الإقدام على مثل هذا البيع فإنّه لا يقع صحيحاً، بل يكون باطلاً أو فاسداً على الخلاف المعروف بين الجمهور والحنفيّة، ويجب فيه التّرادّ. على تفصيل يعرف في مصطلح (بيع منهيّ عنه) وفي أفراد البيوع المسمّاة المنهيّ عنها، وفي مصطلحي (البيع الباطل، والبيع الفاسد).
وقد يكون الحكم الكراهة، وهو ما فيه نهي غير جازم ولا يجب فسخه، ومثّل له الحطّاب من المالكيّة ببيع السّباع لا لأخذ جلودها.
وقد يعرض للبيع الوجوب، كمن اضطرّ إلى شراء طعام أو شراب لحفظ المهجة.
كما قد يعرض له النّدب، كمن أقسم على إنسان أن يبيع سلعةً لا ضرر عليه في بيعها فتندب إجابته، لأنّ إبرار المقسم فيما ليس فيه ضرر مندوب.
وحكمة مشروعيّة البيع ظاهرة، فهي الرّفق بالعباد والتّعاون على حصول معاشهم.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال