شرح وتحليل النص القرائي جامعة القرويين لعبد الهادي التازي - السنة الأولى ثانوي إعدادي - المفيد في اللغة العربية



النص: جامعة القرويين: ص- 84

في مدينة فاس من المغرب الأقصى على العدوة الغربية التي تنتسب إلى الوافدين عليها من القيروان، يقوم جامع القرويين الذي يرجع إليه الفضل في استمرار الوجود الإسلامي واللغة العربية بهذه الديار وسائر أطراف أفريقيا.

ذلك أن دوره لم يقتصر على استقبال المؤمنين صباح مساء لأداء صلواتهم، ولكنه تجاوره إلى المركز الذي كان مصدر إشعاع فياض على مختلف جهات المغرب الكبير، وعلى بعض بلاد المشرق وعلى مدن الأندلس.

كان الجامع الوحيد في دنيا الإسلام الذي يتوفر على أقدم صومعة ثبتت إلى الآن، وعلى نفس التصميم الذي خط لها من أحد عشر قرنا. هذه الصومعة التي كانت قدوة لسائر مآذن المدينة الثمانمائة لتوفر مرصدها وغرفتها على أقدم الساعات المائية في العالم، حتى إن أول ظهور لما اخترع من الساعات العصرية في أوروبا كان في غرفة الصومعة، مما يدل على العناية بها.

وقد ضمت رفوف خزانتها العلمية الكبرى من عيون المخطوطات ونفائس الكتب، ما كان حديث المجالس في وقتها، مما يعطي فكرة عن المواد المدروسة والمناهج المقررة. وقد ازدهرت الحياة الفكرية بها، وعقدت سوق أسبوعية بالمزاد العلني للمخطوطات في جانب من الجامع، كما أنشئ وثلاثون فرعا للخزانة، بعد المساجد الصغرى التي كانت تابعة للقرويين.

وقد شيدت إلى جانب القرويين طائفة من المدارس الداخلية لاستقبال الطلاب، توفرت على عدد من قاعات الدروس، وقد طرزت ووشيت بروائع الفسيفساء، وآوت آلاف الأسر من مختلف الجهات المغربية. ويرجع الفضل القرويين في تجمع أكبر عدد من القبائل والعشائر في مدينة فاس، و أغرت طائفة من الأندلسيين والإفريقيين بالترحال إليها.

وقد كان لعلمائها دور كبير في نشر العلم والمعرفة بالمغرب و المشرق، وعم إشعاعها الأجانب الذين كتبوا عنها واستفادوا منها گ «سيلفيتر» الثاني. وتصدر أبناؤها لتدريس العربية في جامعات أوروبا القديمة في عهودها اللاحقة.

ولم يقتصر فضلها على أولئك العلماء الأعلام من درجوا بين أساطينها، ولازموا زواياها، واعتلوا كراسيها، ولكنه تعداه إلى الفضليات من نساء فاس اللاتي كن يقصدن الأروقة الخاصة التي تشرف على المجالس العلمية، فكانت العرائس في خدورهن على بينة من أمور دينه ودنياهن، لأنهن تلقين في دور الفقيهات ما تلقته هؤلاء بدورهن عن شيوخهن.

وعليها كان المغرب يعتمد في تكوين مختلف أطره، وبها تخرج كبار العلماء ورجال القضاء ممن زاولوا عملهم في مدينة فاس نفسها، أو في مدن أخرى من المغرب وأفريقية والأندلس، ومنها صدر السفراء إلى أقاصي البلاد، فكانوا مثلا في الإخلاص والصراحة والنصح.

وكل الشخصيات المغربية التي لمعت أسماؤها بالمشرق، كانت تنتسب إلى القرويين: ابن العربي، ابن بطوطة، ابن خلدون، المقري ...
د.عبد الهادي التازي.

صاحب النص:

عبد الهادي التازي، وهو مفكر مغربي نال شهادة العالمية من جامعة القرويين.

اللغة:

العدوة الغربية: الجانب الغربي لفاس.
قدوة: مثال.
مرصد: مكان المراقبة.
مزاد علني: مكان للتنافس بين المشترين برفع الأسعار.

الفكرة العامة:

جامعة القرويين معلمة تاريخية وحضارية ساهمت في نشر الثقافة والعلوم الإسلامية وحافظت على الهوية المغربية.

الأفكار الأساسية:

1- تحديد الكاتب موقع جامعة القرويين وإبرازه الدور الطلائعي في استقرار الوجود الإسلامي والحفاظ عليه.
2- توفر جامع القرويين على أقدم صومعة وعلى أقدم ساعة مائية في العالم بالإضافة إلى ازدهار الحركة الثقافية.
3- جامهع القرويين معلمة حضارية معمارية آوت ألاف الطلاب من المغرب والمشرق والأندلس وإفريقيا ووصل إشعاعها إلى المرأة التي نالت حظها من العلم والثقافة.
4- دور جامع القرويين في تكوين العلماء والأطر ورجال القضاء من سائر الأقطار العربية والإسلامية.

المغزى التربوي:

جامعة القرويين مفخرة مغربية ومعلمة تاريخية وحضارة معمارية أسستها فاطمة الفهرية أم البنين سنة 245هـ آوت إليها آلف الطلاب من جميع البقاع.
وتخرج منها أطر ساهموا في بناء الحضارة العربية والكونية، ونالت المرأة المغربية كذلك حظها من التعلم فيها.