إنّ أوّل جانب من جوانب الأدب المقارن التي تأثرت بنظرية التلقي هو مفهوم التأثير ودراساته.
فالتأثير لابدّ أن يسبقه تلقٍّ، وإلاّ فإنّ ذلك التأأثير لايتمّ.
والتلقي عملية إيجابية تتمّ وفقاً لحاجات المتلقي وبمبادرة منه وفي ضوء أفق توقعاته.
أمّا مفهوم التأثير الذي لايرتبط بالتلقي بل يُسقِط دوره فهو يحوّل الطرف المتأثر إلى طرف سلبي، وينسب العناصر الإيجابية كلها إلى الطرف المؤثّر، ناهيك عن استحالة حدوث تأثير وتأثر بمعزل عن حدوث التلقي.
فالتلقي حلقة سابقة للتأثير والتأثر، وهي ليست حلقة ثانوية بل حلقة أساسية يكون فيها المتلقي طرفاً فاعلاً وإيجابياً وديناميكياً.
ولعل المقتل النظري لمفهوم "التأثر" القديم، الذي اعتمدته المدرسة الفرنسية التقليدية في الأدب المقارن، يكمن في أنّ ذلك المفهوم قد أغفل التلقي وما ينطوي عليه من أبعاد جوهرية، فتحوّل الطرف المتأثر إلى طرف سلبي يتعرّض للتأثير، وكأنّ لاحول له ولا قوة.
أمّا نظرية التلقي فقد ربطت التأثير بالتلقي، وجعلت من التلقي شرطاً لأيّ تأثير.
صحيح أنها لم تستغنِ عن مفهوم "التأثير"، ولكنها وضعته في سياق جديد وأعادت صياغته بصورة جذرية.
التسميات
أدب مقارن