التعارض بين الأدب المقارن التقليدي وبين نظرية الأدب الماركسية.. صرف النظر عن الجوانب الجمالية والذوقية للأدب مثلما تفعل المدرسة الفرنسية التقليدية

من العوامل التي أدت إلى نشوء تعارض شديد بين الأدب المقارن التقليدي وبين نظرية الأدب الماركسية حقيقة أنّ لهذه النظرية توجهات عالمية أو أممية، الأمر الذي يصعب التوفيق بينه وبين منهج دراسات أدبية ينطلق من "الأدب القومي"، ولا يطمح إلى أكثر من أن يكمل تاريخ ذلك الأدب.

ولذا لا عجب في ألا تكترث نظرية الأدب الماركسية بالأدب المقارن في أول الأمر، وألاّ تظهر في وقت مبكر مدرسة ماركسية في الأدب المقارن.

فالدراسات الأدبية التي تسترشد بالماركسية تتجاوز الحدود القومية للآداب بطبيعة الحال، وتنطوي ضمنياً على عنصر المقارنة، وهي ليست مستعدة للتركيز على علاقات التأثير والتأثر، لأنها لا توليها كبير أهمية، ولا ترى فيها محركاً للتاريخ الأدبي وتطور الآداب.

وهي ليست مستعدة أيضاً لأن تصرف النظر عن الجوانب الجمالية والذوقية للأدب مثلما تفعل المدرسة الفرنسية التقليدية.

وباختصار فإنّ نظرية الأدب الماركسية والأدب المقارن التقليدي (دراسات التأثير) يقفان منهجياً على طرفي نقيض، ولا يجمعهما جامع.
ولكن ألا تجمعهما النزعة إلى تخطي الحدود القومية للآداب؟

إنّ الأدب المقارن التقليدي يمكّن الباحث من أن يطلّ ما وراء حدود أدبه القومي، بل هناك من المقارنين التقليديين من يتسم بنزعة كوزموبوليتية (Kosmopolitisch)، ولكنّ نقطة الارتكاز التي ينطلق منها الأدب المقارن التقليدي هي "الأدب القومي"، ومايتلقاه ويعطيه من مؤثّرات، وهذا مالا تجاريه فيه نظرية الأدب الماركسية.

فهي أقرب إلى مايسمى "الأدب العام" منه إلى الأدب المقارن التقليدي.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال