الوجود الفلسطيني والإسرائيلي في أرض كنعان.. غزو بني إسرائيل فلسطين من جهة الشرق بقيادة يوشع بن نون

الوجود الفلسطيني والإسرائيلي في أرض كنعان:

لقد شهد القرن الثالث عشر ق.م تغيراً في القوى السياسية في المنطقة بسبب الحروب والصراعات الكنعانية المصرية المتواصلة، التي أنهكت الكنعانيين وأضعفتهم، مما مكن الفلسطينيون وبنو إسرائيل في وقت متزامن  من احتلال أجزاء كبيرة من بلاد كنعان.

بين الفلسطينيين وبني إسرائيل:

الفلسطينيون القادمون من جزيرة كريت في بحر إيجة هاجموا بلاد كنعان من جهة الغرب وسيطروا على الساحل الغربي من الكرمل وحتى الصحراء وأطلقوا اسمهم عليه فأصبح هذا الجزء من أرض كنعان يدعى فلسطين، أما بنو إسرائيل الذين بدئوا رحلة التيه مع النبي موسى عام 1227 ق.م واستمرت أربعين سنة، تمكنوا بعد وفاة النبي موسى في الأردن من غزوا فلسطين من جهة الشرق بقيادة يوشع بن نون، واحتلوا معظم جنوب فلسطين، بعد أن احتلوا أريحا وقتلوا من فيها وأحرقوها  سنة 1186ق.م، وبذلك تكون أرض كنعان خضعت لسيطرة الأقوام الثلاثة، وبعد قرنين من احتلال أريحا تمكن الملك داود من احتلال يبوس (القدس) واتخذها عاصمة لمملكته (1016ق.م – 976ق.م) ثم تولاها من بعد موته ابنه سليمان (796ق.م -936ق.م).

مملكة داود:

والمهم هنا أن مملكة داود لم تنشأ من خلال التغلغل السلمي (Peaceful infiltration) وليس من خلال ثورة داخلية كما تحاول بعض الدراسات الصهيونية الترويج لذلك,وإنما من خلال غزو الأرض(conquest)وبالقوة.
أما العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين فقد اتسمت بشكل عام في أغلبها بالصراعات والنزاعات المتواصلة مع بعضهم البعض على السيطرة والنفوذ، وهذه الصراعات هي ما ميزت بشكل خاص التاريخ الفلسطيني القديم مع بني إسرائيل، ومن أبرز معاركهم كانت المعركة الأولى التي عرفت بمعركة أفيق (رأس العين) التي انكسر فيها بنو إسرائيل وخسروا ثلاثين ألفاً كما تروي التوراة  واستولوا على تابوت العهد.

النزاع الداخلي اليهودي والسيطرة على فلسطين:

وبسبب النزاع الداخلي بين اليهود أنفسهم وتحديداً بين شاول (أول ملوك بني إسرائيل) وبين داود، لجأ الأخير إلى الملك الفلسطيني أخيش ملك جت، طالباً منه الحماية من شاول ومبدياً استعداداً ليقاتل مع الفلسطينيين ضد شاول وأبناء قومه، لكن داود الذي تولى الملك وقيادة الجيش بعد موت شاول انقلب على الفلسطينيين وتمكن من إخضاعهم بالقوة العسكرية تحت سيطرته.

ومع أن المملكة اليهودية بلغت ذروة اتساعها في عهد داود، إلا أنها لم تتمكن في يوم من الأيام من بسط سيطرتها على كامل فلسطين، لقد ظلت منطقة الساحل الفلسطيني من شمال يافا وحتى جنوب غزة، خاضعة لمصر، رغم استمرار السيطرة على الفلسطينيين في عهد مملكة سليمان التي انقسمت بعد موته إلى مملكتين، مملكة في الشمال ومملكة في الجنوب، المملكة الشمالية عرفت باسم مملكة إسرائيل (931 ق.م - 724ق. م) وكانت عاصمتها شكيم (نابلس) وكان القسم الأكبر من سكانها من عبدة الأوثان وليسوا من اليهود.
لقد تعرضت هذه المملكة إلى الاحتلال على يد الأشوريين الذين سبوا قسماً كبيراً من أبنائها، وهو ما عرف باسم" السبي الصغير".

السبي البابلي:

أما المملكة الجنوبية التي عرفت باسم مملكة يهودا (931ق.م – 586ق.م)، وكانت عاصمتها القدس (أورشليم) فقضى عليها البابليون بقيادة نبوخذ نصر، الذي دمر القدس والهيكل وسبى العديد من أبنائها وساقهم إلى بابل، وهذا ما عرف باسم "السبي الكبير"، وبذلك أصبحت فلسطين ولاية كلدانيه (بابلية).

تحرير اليهود من العبودية:

وبعد أن احتل كورش الفارسي بابل عام 533 ق.م. أصبحت فلسطين جزءاً من إمبراطوريته، فحرر اليهود من العبودية، وسمح لمن أراد منهم بالإقامة في فلسطين، فعاد حوالي 40 ألفاً، بينما فضل أكثرهم البقاء في بابل.

سقوط الحكم الفارسي في فلسطين:

وفي عام (332 ق.م) تمكن الاسكندر المقدوني من إنهاء الحكم الفارسي في فلسطين وبلاد الشام، واستبدله بالحكم اليوناني الذي استمر نحو ثلاثة قرون (332ق.م - 63ق.م) وعندما فرض اليونان ثقافتهم وآدابهم وحضارتهم على اليهود انقسموا إلى قسمين، قسم تبنى حضارة اليونان الراقية، وقسم تعصب للديانة والتقاليد اليهودية، وثار على اضطهاد اليونان لهم بقيادة العائلة المكابيه عام 167ق.م.

اضطهاد العرب الأنباط:

وسرعان ما تحول حكم المكابيين من ثائرين على الظلم والاضطهاد اليوناني إلى قوة مضطهدة للشعوب، التي كانت تسكن في فلسطين، وتفرض عليهم بالقوة الدين اليهودي وذلك في الفترة الزمنية ما بين 102-76ق.م، مما دفع العرب الأنباط الذين كانوا يسيطرون على جنوب فلسطين إلى خوض عدة معارك ضدهم، كانت الغلبة في معظمها للأنباط.

الاحتلال الروماني لفلسطين:

ومع احتلال الرومان بقيادة بومبي فلسطين ودخولهم القدس سنة 63ق.م. انتهت سيطرة العرب الأنباط واليونانيين واليهود على فلسطين، لكن اليهود الذين أعفاهم الرومان من عبادة الإمبراطور وخدمة الجيش ومنحوهم الحق في السيطرة على محاكمهم الخاصة، ثاروا على الرومان، مما أدى إلى سحق ثورتهم عام 70م بقيادة القائد الروماني تيطس، إلا أن القضاء النهائي عليهم والذي أنهى صلتهم التاريخية بفلسطين كلياً كان على يد هدريان عام 135م، والذي منعهم من دخول مدينة القدس أو الاقتراب منها، وأعاد بناءها من جديد وأسماها ايلياكابتولينا.
ومن المدن الأخرى التي تم تجديدها في العهد الروماني هي نيا بولس (نابلس) وطيبارية ( طبريا) وغيرها، وامتاز عهدهم أيضا ببناء العديد من الهياكل والمعابد والحصون والقلاع وغيرها.

فلسطين تحت سيطرة الإمبراطورية البيزنطية:

وعندما انقسمت الإمبراطورية الرومانية في أواخر القرن الرابع للميلاد إلى إمبراطوريتين شرقية وغربية، خضعت فلسطين لسيطرة الإمبراطورية الرومانية الشرقية البيزنطية (395-636).
وفي العهد البيزنطي عمم الرومان الاسم التاريخي "فلسطين"، الذي كان يطلق على الساحل الغربي من أرض كنعان، على جميع البلاد، فأصبحت بذلك تسمى جميع القبائل والقوميات المختلفة التي كانت تسكن في فلسطين بغض النظر عن دياناتهم وانتماءاتهم العرقية, ب"الفلسطينيين"، وهذا لا يعني بتاتاً أن جميع سكان فلسطين هم من الفلسطينيين القادمين من جزيرة كريت.

الفتوحات العربية الإسلامية:

ولما انتهى العهد الروماني البيزنطي في القرن السابع الميلادي على يد الفتوحات العربية الإسلامية أصبحت فلسطين جزءاً لا يتجزأ من الدولة العربية الإسلامية.