النظرية السلوكية والسلوك الإنساني.. مجموعة من العادات التي يتعلمها الفرد ويكتسبها أثناء مراحل نموه المختلفة



النظرية السلوكية والسلوك الإنساني:

يرى أصحاب هذه النظرية بأن السلوك الإنساني عبارة عن مجموعة من العادات التي يتعلمها الفرد ويكتسبها أثناء مراحل نموه المختلفة، ويتحكم في تكوينها قوانين الدماغ وهي قوى الكف وقوى الاستثارة اللتان تسيران مجموعة الاستجابات الشرطية ويرجعون ذلك إلى العوامل البيئية التي يتعرض لها الفرد.

تدور هذه النظرية حول محور عملية التعلم في اكتساب التعلم الجديد أو في إطفائه أو إعادته، ولذا فإن السلوك الإنساني مكتسب عن طريق التعلم، وأن سلوك الفرد قابل للتعديل أو التغيير بإيجاد ظروف وأجواء تعليمية معينة.

في النظرية السلوكية بعض المبادئ والإجراءات التي تعتمد عليها ويحتاج المرشد الطلابي لتطبيقها كلها أو اختيار بعضها في التعامل مع المسترشد من خلال العلاقة الإرشادية على النحو التالي:

1- الإشراط الإجرائي:

ويطلق عليه مبادىء التعلم أنه يؤكد على الاستجابات التي تؤثر على الفرد، لذا فإن التعلم يحدث إذا عقب السلوك حدث في البيئة يؤدي إلى إشباع حاجة الفرد واحتمال تكرار السلوك المشبع في المستقبل وهكذا تحدث الاستجابة ويحدث التعلم أي النتيجة التي تؤدي إلى تعلم السلوك وليس المثير.

ويرتبط التعلم الإجرائي في أسلوب التعزيز الذي يصاحب التعلم وصاحب هذا الإجراء هو الإجراء إذا كان وجود النتيجة يتوقف على الاستجابة.

ولهذا الإجراء استخدامات كثيرة في مجال التوجيه والإرشاد والعلاج السلوكي وتعديل سلوك الأطفال والراشدين في المدارس ورياض الأطفال والمستشفيات والعيادات ولها استخداماتها في التعليم والتدريب والإدارة والعلاقات العامة.

2- التعزيز أو التدعيم:

ويعتبر هذا المبدأ من أساسيات عملية التعلم الإجرائي والإرشاد السلوكي.
ويعد من أهم مبادىء تعديل السلوك لأنه يعمل على تقوية النتائج المرغوبة لذا يطلق عليه أسم مبدأ (الثواب أو التعزيز).

فإذا كان حدث ما (نتيجة) يعقب إتمام استجابة (سلوك) يزداد احتمال حدوث الاستجابة مرة أخرى يسمى هذا الحدث اللاحق معزز أو مدعم.

التعزيز نوعان هما:

- التعزيز الإيجابي:
وهو حدث سار كحدث لاحق (نتيجة) لاستجابة ما (سلوك) إذا كان الحدث يؤدي إلى زيادة استمرار قيام السلوك- مثال: طالب يجيب على سؤال أحد المعلمين فيشكره المعلم ويثني عليه. فيعاود الطالب الرغبة في الإجابة على أسئلة المعلم.

- التعزيز السلبي:
ويتعلق بالمواقف السلبية والبغيضة والمؤلمة فإذا كان استبعاد حدث منفر يتلو حدوث سلوك بما يؤدي إلى زيادة حدوث هذا السلوك فإن استبعاد هذا الحدث يطلق عليه تدعيم أو تعزيز سلبي.
مثال: فرد لديه حالة أرق بدأ يقرأ في صحيفة فاستسلم للنوم نجد أنه فيما بعد يقرأ الصحيفة عندما يرغب النوم.

3- التعليم بالتقليد والملاحظة والمحاكاة:

وتتركز أهمية هذا المبدأ حيث أن الفرد يتعلم السلوك من خلال الملاحظة والتقليد فالطفل يبدأ بتقليد الكبار يقلد بعضهم بعضاً وعادة يكتسب الأفراد سلوكهم من خلال مشاهدة نماذج في البيئة وقيامهم بتقليدها في العملية الإرشادية تغيير السلوك وتعديله إعداد نماذج للسلوك السوي على أشرطة (كاسيت) أو أشرطة فيديو أو أفلام أو قصص سير هادفة لحياة أشخاص مؤثرين ذوى أهمية كبيرة على الناشئة وقصص العلماء والحكماء من أهل الرأي والفطنة والدراية، وكذلك نماذج من حياتنا المعاصرة فمحاكاة السلوك المرغوب من خلال الملاحظة يعتمد على الانتباه والحفظ واستعادة الحركات والهدف أو الحافز.

إذ يجب أن يكون سلوك النماذج أو المثال هدفاً يرغب فيه المسترشد رغبة شديدة، فجهد مثل هذا يمثل أهمية كبيرة للمسترشد وذا تأثير قوي عليه، ويمكن استخدام النموذج الاجتماعي في الحالات الفردية والإرشاد والعلاج الجماعي .

4- العقاب:

ويتمثل في الحدث الذي يعقب الاستجابة والذي يؤدي إلى أضعاف الاستجابة التي تعقب ظهور العقوبة، أو التوقف عن هذه الاستجابة وينقسم العقاب إلى قسمين هما:

- العقاب الإيجابي:
ويتمثل في ظهور حدث منفر (مؤلم) للفرد بعد استجابة ما يؤدي إلى إضعاف هذه الاستجابة أو توقيفها ومن أمثلة ذلك العقاب (العقاب البدني) والتوبيخ بعد قيام الفرد بسلوك غير مرغوب إذا كان ذلك يؤدي إلى نقص السلوك أو توقفه.
ونؤكد بأن أسلوب استخدام العقاب البدني محذور على المرشد الطلابي وكذا المعلمين.

- العقاب السلبي:
وهو استبعاد حدث سار للفرد يعقب أي استجابة مما يؤدي إلى إضعافها أو اختفاءها مثال:
حرمان الأبناء من مشاهدة بعض برامج التلفاز وتوجيههم لمذاكرة دروسهم وحل واجباتهم فإن هذا الإجراء يعمل على تقليل السلوك غير المرغوب وهو عدم الاستذكار ولكنه يحرمهم من البرامج المحببة لديهم، يسمي عقاباً سلبياً، ويفضل المرشدون والمعالجون النفسيون أسلوب العقاب في معالجة الكثير من الحالات التي يتعاملون بها.

5- التشكيل:
وهي عملية تعلم سلوك مركب وتتطلب تعزيز بعض أنواع السلوك وعدم تعزيز أنواع أخرى ويتم من خلال استخدام القوانين التالية:

- الانطفاء أو الإطفاء أو الإغفال أو المحو:
وهو انخفاض السلوك في حال توقف التعزيز سواء أكان بشكل مستمر أو منقطع فيحدث المحو الانطفاء أو الإغفال: وتفيد في تغيير السلوك وتعديله وتطويره ويتم من خلال إهمال السلوك وتجاهله وعدم الانتباه إليه أو عن طريق وضع صعوبات أو معوقات أمام الفرد مما يعوق اكتساب السلوك ويعمل على تلاشيه مثال ذلك:
الطالب الذي تصدر منه أحياناً كلمات غير مناسبة كالتنابز بالألقاب مثلا من وسائل التعامل مع هذا هو إغفاله وتجاهله تماماً مما يؤدي إلى الكف عن ممارسة هذا السلوك .

- التعميم:
ويحدث التعميم نتيجة لأثر تدعيم السلوك مما يؤدي إلى تعميم المثير على مواقف أخرى مثيراتها شبيهة بالمثير الأول أو تعميم الاستجابة أخرى مشابهة، ومن أمثلة التعميم، (مثال على تعميم المثير). الطفل الذي يتحدث عن أمور معينة في وجود أفراد أسرته (مثير) قد يتحدث عن هذه الأمور بنفس الطريق مع ضيوف الأسرة(مثير) فسلوك الطفل تم تعميمه إلى مواقف أخرى، ولذا نجد مثل هذه الحالات في الفصل الدراسي ويمكن تعميم السلوكيات المرغوب فيها لبقية زملاء الدراسة.

مثال على تعميم الاستجابة:
تتغير استجابة شخص إذا تأثرت استجابات أخرى لديه فلو امتدحنا هذا الشخص لتبسمه (استجابة) فإنه قد يزيد معدل الضحك والكلام أيضاً لذا فإن في تدعيم الاستجابة يحدث وجود استجابات أخرى(الابتسامة والضحك) عند امتداحة في مواقف أخرى.

- التميز:
ويتم عن طريق تعزيز الاستجابة الصحيحة لمثير معين أي تعزيز الموقف المراد تعلمه أو تعليمه أو تعديله ومثال ذلك: عندما يتمكن الفرد من إبعاد يديه عن أي شيء ساخن كالنار مثلاً .

6- التخلص من الحساسية أو (التحصين التدريجي):

ويتم ذلك في الحالات التي يكون فيها سلوك مثل الخوف أو الاشمئزاز والذي ارتبط بحادثة معينة فيستخدم طريقة التعويد التدريجي المنتظم ويتم التعرف على المثيرات التي تستثير استجابات شاذة ثم يعرض المسترشد تكراراً وبالتدريج لهذه المثيرات المحدثة للخوف أو الاشمئزاز في ظروف يحس فيها بأقل درجة من الخوف أو الاشمئزاز وهو في حالة استرخاء بحيث لا تنتج الاستجابة الشاذة ثم يستمر التعرض على مستوى متدرج في الشدة حتى يتم الوصول إلى المستويات العالية من شدة المثير بحيث لا تستثير الاستجابة الشاذة السابقة وتستخدم هذه الطريقة لمعالجة حالات الخوف والمخاوف المرضية .

7- الكف المتبادل:

ويقوم أساسياً على وجود أنماط من الاستجابات المتنافرة وغير المتوافقة مع بعضها البعض مثل الاسترخاء والضيق مثلاً.

ويمكن استخدامه في معالجة التبول الليلي حيث أن التبول يحدث لعدم الاستيقاظ والذهاب إلى دورة المياه، وإذا فإن الطفل يتبول وهو نائم على فراشه والمطلوب كف النوم فيحدث الاستيقاظ والتبول بشكل طبيعي واكتساب عادة الاستيقاظ لذا فإن كف النوم يؤدي إلى كف التبول بالتبادل، لذلك لابد من تهيئة الظروف المناسبة لتعلم هذا السلوك.

8- الاشتراط التجنبي:

ويستخدم المرشد أو المعالج النفسي لتعديل السلوك غير المرغوب فيه.
وقد أستخدم في معالجة الذكور الذين ينزعون إلى ملابس الجنس الآخر والتشبه بهم أو في علاج الادمان على الكحول أو التدخين.

ويتم استخدام مثيرات منفرة كالعقاقير المقيئه والصدمات الكهربائية وأشرطة كاسيت تسجل عليها بعض العبارات المنفرة والتي تتناسب مع السلوك الذي يراد تعديله.

9- التعاقد السلوكي (الاتفاقية السلوكية):

ويقوم هذا الأسلوب على فكرة أن من الأفضل للمسترشد أن يحدد بنفسه التغيير السلوكي المرغوب، ويتم من خلال عقد يتم بين طرفين هما المرشد والمسترشد يحصل بمقتضاه كل واحد منهما على شيء من الآخر مقابل ما يعطيه له.

ويعتبر العقد امتداداً لمبادىء التعلم من خلال إجراء يتعزز بموجبه سلوك معين مقدماً حيث يحدث تعزيز في شكل مادي ملموس أو مكافأة اجتماعية فعلى سبيل المثال نجد أن المسترشد على أن يودع الطرف الأول مبلغ من المال لنفرض خمسمائة ريال على أن تعاد إليه كل خمسين ريال إذا نقص وزنه كيلو جراما أو أنه يفقدها في حالة زيادة وزنه كيلو جراما واحد.

ويمكن تطبيق مبدأ التعاقد أو الاتفاقية السلوكية أثناء دراسة الحالة الفردية أو في الإرشاد الجماعي ويمكن الإفادة منها في تناول حالات التأخير المدرسي.