إن المرأة التي يطلقها زوجها ثلاثاً تبين منه، وتصبح أجنبية عنه، لا تجب لها عليه نفقة ولا سكنى، على القول الراجح من أقوال العلماء رحمهم الله، إلا إذا كانت حاملاً فإنها تجب لها النفقة بالإجماع. [راجع المغني لابن قدامة (8/232ـ233)].
قال تعالى: ((وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن)). [الطلاق:6].
وإنما وجبت على الزوج النفقة للحامل التي بانت منه من أجل ولده الذي لا سبيل إلى الإنفاق عليه إلا عن طريق الإنفاق على أمه التي يتغذى منها.
قال ابن قدامة، رحمه الله: "ولأن الحمل ولده، فيلزمه الإنفاق عليه، ولا يمكنه النفقة عليه إلا بالإنفاق عليها، فوجب كما وجبت أجرة الرضاع…" [المغني، كما مضى، وراجع الجامع لأحكام القرآن (18/166ـ167)]. هذا في العناية به من حيث النفقة.
ومن العناية به وقايته مما قد يؤثر على صحته، وهو في رحم أمه، ولذا أبيح للحامل إذا خافت على جنينها أن تفطر في رمضان، كالمريض والمسافر، وقد أعفاها بعض العلماء من الكفارة دون المرضع، قالوا: "لأن الحمل متصل بالحامل فالخوف عليه كالخوف على بعض أعضائها". أما المرضع فـ"يمكنها أن تسترضع لولدها" [المغني (3/149ـ150)]. وأدخلوها في قوله تعالى: ((وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)) [البقرة:184].
وقال ابن قدامة، رحمه الله، مؤيداً رأي من رأى أن عليها الكفارة كغيرها من ذوي الأعذار: "ولنا قوله تعالى: ((وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين))، وهما - أي الحامل والمرضع - داخلتان في عموم الآية. قال ابن عباس: "كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكيناً، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا" رواه أبو داود وروى ذلك عن ابن عمر، ولا مخالف لهما من الصحابة... ". [المغني (6/150) والجامع لأحكام القرآن (2/288)].
ومن العناية بالطفل وهو في رحم أمه تأجيل العقوبة التي تستحقها إذا كان ذلك قد يؤثر على الولد أو تحقق أن العقوبة ستقضي عليه. فقد روى عمران بن حصين، رضي الله عنه، أن امرأة من جهينة، أتت نبي الله صلى الله عليه وسلم، وهي – حبلى من الزنى، فقالت: يا نبي الله أصبت حداً، فأقمه علي، فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها، فقال: (أحسن إليها، فإذا وضعت فائتني بها ففعل، فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها…). [مسلم (3/1334)].
وفي حديث آخر- في قصة الغامدية التي اعترفت بالزنى، وطلبت منه أن يقيم عليها الحد -قال لها: (فاذهبي حتى تلدي) فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: (اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه) فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، قالت: هذا يا رسول الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها…". [مسلم (3/1323) وراجع كتاب: الجنين والأحكام المتعلقة به في الفقه الإسلامي لمحمد سلام مدكور، ص165ـ214ـ232].