مستلزمات تفعيل دور المفتش في الارتقاء بالجودة.. تجديد العلاقة مع المدرسين لجعلها أقرب إلى الإشراف والتأطير التعاوني والتواصلي



لا يكتمل الحديث عن دور المفتش في الارتقاء بجودة التعليم إلا بالحديث عن مستلزمات وشروط هذا الدور، لذا سنتحدث أولا عن مستلزمات تفعيل دور المفتش في الارتقاء بالجودة، لنعود بعد ذلك إلى دوره فيها.

1- المستلزمات والشروط المؤسساتية لتفعيل دور المفتش في الارتقاء بالجودة: سأركز هنا على المستلزمات المؤسساتية التالية:

2- إيجاد منظومة قانونية متكاملة وشاملة خاصة بجهاز التفتيش تنظيما وتفعيلا، تحدد هيكلته بدقة وعلاقته بالأجهزة الأخرى ومسار قراراته فضلا عن تحديد قيمه الأخلاقية ومسؤوليته المهنية والقانونية.

3- ضما ن استقلالية جهاز التفتيش قانونيا وتنظيميا ووظيفيا، حيث الاستقلالية تمكنه من القيام بواجبه بعيدا عن أية ضغوطات إدارية أو علائقية أو مهنية. فلا يعقل أن تكون مثلا القيادة التدبيرية (الإدارة) هي سبب المشاكل وتريد تفتيشا يصارحها بواقعها! فهي كثيرا ما تصطدم مع قرارات التفتيش وتحيلها إلى الرف لأنها لا تسير وهواها.

والاستقلالية الوظيفية هي أساس من أسس منظومة التربية والتكوين المغربية بناء على الفقرة (ب) من المادة 135 من المجال الرابع الخاص بالموارد البشرية من الميثاق الوطني للتربية والتكوين القائلة بالحرف: (تقوم السلطة الوطنية المشرفة على قطاع التربية والتكوين، تطبيقا لمقتضيات هذا الميثاق، بإعادة هيكلة هيئة المشرفين التربويين وتنظيمها وذلك: ـ بتدقيق معايير الالتحاق بمراكز التكوين ومعايير التخرج منها؛

- بتعزيز التكوين الأساسي وتنظيم دورات التكوين المستمر لجعلهم أقدر على المستلزمات المعرفية والكفايات البيداغوجية والتواصلية التي تتطلبها مهامهم؛

- بتنظيم عملهم بشكل مرن، يضمن الاستقلالية الضرورية لممارسة التقويم الفعال والسريع، وإقرار أسلوب توزيع الأعمال والاختصاصات على أسس شفافة ومعايير واضحة ومعلنة؛

- بتجديد العلاقة مع المدرسين لجعلها أقرب إلى الإشراف والتأطير التعاوني والتواصلي.
فالميثاق الوطني للتربية والتكوين صريح بخصوص هذه النقطة، ويريد تفعيل دور جهاز التفتيش بما يسمح له القيام بمهامه على الوجه الأكمل دون تدخل من أية جهة معينة.

ومن هنا نطالب بإعادة مراجعة الوثيقة الإطار بما يحقق هذا المبدأ بل الأساس. وكل إغفال للمراجعة يعد انحباس تفعيل جهاز التفتيش. بل أطالب شخصيا إلحاق جهاز التفتيش بالتعليم بنيويا وعضويا بالوكالة الوطنية للتقويم والتوجيه مادمنا أمام التقويم وإن كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مادته 103 أغفل ربط تقويم المؤسسات وترتيبها بقناة التفتيش أو إن لم يتأت ذلك فإلحاقة مباشرة بالمفتشية العامة.

وضمن استقلالية التفتيش؛ يمكن هنا أن نسوق تجربة بريطانيا في موضوع استقلالية جهاز التفتيش في التعليم؛ حيث نظام التفتيش من مسؤوليات مكتب المعايير التربوية Office for Standard in Education وهو جهاز يتبع للبرلمان مباشرة، ويرأسه مفتش ملكي بدرجة وزير (Her Majesty Chief Inspector) وتتضمن مهماته: اختيار طاقم التفتيش وتأهيله وتدريبه وتقويمه، كما تشمل مسؤولياته: وضع برنامج لتفتيش المدارس، إبلاغ المدارس بالجوانب التي يشملها التفتيش، البحث عن أفضل عروض التفتيش ومنح العقود، إعطاء النصح والتوجيه الذي يضمن نجاح سير عملية التفتيش، الموافقة على تحديد نوع التفتيش للمدرسة، إطلاع المدرسة على أسماء المفتشين المسجلين والمتعاقدين وفرقهم.


المواضيع الأكثر قراءة