يُرْوَى أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ رَأَى مُعَاوِيَةَ حَمَلَ اللَّحْمَ فَقَالَ يَا مُعَاوِيَةُ مَا هَذَا لَعَلَّك تَنَامُ نَوْمَةَ الضُّحَى ؟ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَك اللَّهُ . فعمر رضي الله تعالى عنه أنكر على معاوية نومة الضحى لأنها سبب من أسباب الترهل .
وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ابْنًا لَهُ نَائِمًا نَوْمَةَ الضُّحَى فَقَالَ لَهُ : قُمْ أَتَنَامُ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُقَسَّمُ فِيهَا الْأَرْزَاقُ ؟
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَقْتُ طَلَبِ الرِّزْقِ وَالسَّعْيِ فِيهِ شَرْعًا وَعُرْفًا عِنْدَ الْعُقَلَاءِ وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام :" اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا " رواه الترمذي (1212) وقال : هذا حديث حسن.
قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: مِنْ الْجَهْلِ النَّوْمُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ، وَالضَّحِكُ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ ، وَالْقَائِلَةُ تَزِيدُ فِي الْعَقْلِ ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: النَّوْمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : نَوْمُ خُرْقٍ ، وَنَوْمُ خَلْقٍ ، وَنَوْمُ حُمْق.ٍ
فَأَمَّا النَّوْمُ الْخُرْقُ: فَنَوْمَةُ الضُّحَى يَقْضِي النَّاسُ حَوَائِجَهُمْ وَهُوَ نَائِمٌ .
وَأَمَّا النَّوْمُ الْخَلْقُ: فَنَوْمُ الْقَائِلَةِ نِصْفَ النَّهَارِ .
وَأَمَّا نَوْمُ الْحُمْقِ: فَنَوْمٌ حِينَ تَحْضُرُ الصَّلَاةُ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ : نَوْمُ نِصْفَ النَّهَارِ يَعْدِلُ شَرْبَةَ دَوَاءٍ يَعْنِي فِي الصَّيْفِ ، قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : النُّعَاسُ يُذْهِبُ الْعَقْلَ , وَالنَّوْمُ يَزِيدُ فِيهِ. ([1])
وقال السفاريني: (لَا يَنْبَغِي مُدَافَعَةُ النَّوْمِ كَثِيرًا ، وَإِدْمَانُ السَّهَرِ ، فَإِنَّ مُدَافَعَةَ النَّوْمِ وَهَجْرَهُ مُورِثٌ لِآفَاتٍ أُخَرَ مِنْ سُوءِ الْمِزَاجِ وَيُبْسِهِ . وَانْحِرَافِ النَّفْسِ ، وَجَفَافِ الرُّطُوبَاتِ الْمُعِينَةِ عَلَى الْفَهْمِ وَالْعَمَلِ ، وَتُورِثُ أَمْرَاضًا مُتْلِفَةً . وَمَا قَامَ الْوُجُودُ إلَّا بِالْعَدْلِ . فَمَنْ اعْتَصَمَ بِهِ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنْ مَجَامِعِ الْخَيْرِ .)([2])
([1]) الآداب الشرعية لابن مفلح
([2]) غذاء الألباب (2/