مراحل وتقنيات تحليل نص تربوي مفتوح.. بناء هيكلة خا صة للنص بإبراز مكوناته الأساسية وترتيبها مراعاة مدى الانسجام الكائن بين هذه الهيكلة وبين ما سبق طرحه في المرحلة الأولى

مراحل وتقنيات تحليل نص تربوي مفتوح:

1- طرح إشكالية النص:
أي القضية التي يدور حولها النص، وبما أن الأمر يتعلق بإشكالية، فمعنى هذا أن هذه القضية تختزل مجموعة من المشاكل المترابطة، لذا فمن المستحسن الانطلاق ق في تركيبها من الكل إلى الجزء: طرح القضية / الإشكالية في مجملها، ثم بيان أبعادها وطرحها في صيغة تساؤلية أو تقريرية تمهيدا لعملية التفكيك.

وتيسيرا لإنجاز العمليات المذكورة يمكن الوقوف عند ما يمكن أن نسميه بمفاتيح النص: مصطلحات و مفاهيم أساسية، عبارات دالة...

ويمكن قبل طرح الإشكالية إنجاز مدخل يركز فيه على: بيان نوع النص (مقتطف من عمل أكاديمي، مقالة...)؛ وضع النص في إيطاره الفكري و العلمي (حقله المعرفي، المدرسة  أو الا تجاه الذي يندرج فيه)؛ وضع النص في الظروف الإجتماعية و الثقافية والتاريخية التي ساهمت في إفرازه؛ التعريف بشخصية صاحب النص...

2- تفكيك النص:
لتفكيك النص يمكن القيام بالعمليات التالية:

- بناء هيكلة خا صة للنص بإبراز مكوناته الأساسية وترتيبها؛ مراعاة مدى الانسجام الكائن بين هذه الهيكلة وبين ما سبق طرحه في المرحلة الأولى.

- تفسير كل مكون على حدة مع الحرص على ألا تتخذ عملية التفسير طابع اجترار منطوق النص .فالتفسير هنا محاولة لإعادة إنتاج مفصلة للنص عن طريق المجهود الذاتي للمترشح في تمثل محتوياته، على أساس أن محلل النص يعتبر وسيطا بين صاحب النص وبين قارئه العادي.

- الحرص على أن تتخذ عملية التفسير طابع محاورة النص من داخله أي الانسياق في نفس توجه سعيا وراء تبسيط معطياته.

لذلك يندرج ضمن عملية التفسير:

- التعليل:
محاولة الكشف عن المبررات والأساليب المفسرة للتوجه الذي يحكم مضامين مكوناته.

- التأويل:
محاولة الكشف عن المسكوت عنه في النص والذي يوحي به منطوق النص. أي إعطاء مضامين النص لا يكون ظاهرا ولكنه مستشف من العبارات أو المصطلحات... الموظفة في النص.

- مقابلة أفكار النص بأفكار نصوص أخرى تندرج في نفس توجهه سواء كانت لنفس الكاتب أو لمن يتفق معه من الكتاب الآخرين وذلك إمعانا في فهمه أبعاد توجهه.

- إغناء النص بأمثلة تعزز ما يذهب إليه النص أو توضح ما يبدو غامضا في النص.

- توضيح منطق النص:
الآليات المعتمدة في الإقناع، نوع المقولات الفكرية المروجة (افتراضات، استنتاجات، مقارنات...).

التحليل المقترح هنا لا ينفصل عن عملية التركيب التي آثرنا عدم التنصيص عليها كمرحلة منفصلة توخيا للتبسيط. فما تمت الإشارة إليه آنفا من: إغناء مضامين النص بإضافة مستقاة من الأدبيات التربوية أو من الواقع في إطار التعمق في فهمه، الخروج باستنتاجات، الربط بين الأفكار، هيكلة النص بإبراز مكوناته الأساسية وترتيبها، كل ذلك من صميم عملية التركيب.

3- تقويم النص:
- أي مناقشته و مقاربته مقاربة نقدية.

- عادة ما يميز في هذا الصدد بين التقويم الداخلي الذي يتم من داخل النص و بين التقويم الخارجي الذي يتم من خارج النص: من خلال نصوص أخرى أو من خلال الواقع.

وعلى العموم يمكن أن يتم التقويم بنوعيه على المستويات التالية:

- المنطق المعتمد في النص: قد يكون مفتقرا إلى التماسك ( تناقضات / مفارقات )، قد يكون قاصرا عن الإقناع و التأثير وتحقيق الهدف المتوخى منه نظرا لبعض العبارات أو الأفكار المروحة ضمنه.

- مدى انسجامه مع الانتماء الفكري أو العلمي للكاتب و مع إطاره السوسيو ــ تاريخي.

- مدى الصحة العلمية والواقعية للأفكار المطروحة ضمنه (وهنا يمكن الاستعانة باستشهادات مستقاة من نصوص كتاب آخرين بمن في ذلك أولئك الذين ينتمون لنفس التوجه الفكري و العلمي لصاحب النص، كما يمكن الاستعانة بأمثلة مستمدة من الواقع بصفة عامة).

- مدى ملاءمة أفكار النص للواقع التربوي المغربي ككل و للواقع المهني للمترشح بصفة خاصة، أو ما يمكن أن نسميه بمدى وظيفية النص. والمتوخى هنا هو حث المترشح على فتح آفاق للنص على تجربته المهنية لكي يصبح بالفعل نصا وظيفيا ثمينا بأن يستثمر لإغناء الممارسة المهنية للمترشح.

وهنا يمكن إضافة التعديلات التي يراها المترشح ضرورية لتكييف النص مع خصوصية ممارسته المهنية (ما ينبغي الاستغناء عنه من أفكار النص، ما يمكن تبنيه مع الإضافة و التعديل...).

تجدر الإشارة أخيرا إلى أن تقويم النص لا يشمل بالضرورة جميع الأفكار المطروحة ضمنه، بل يستحسن الوقوف عندها هو أساسي منها، خصوصا وأن محاولة الدخول في جميع تفاصيل النص قد توقع المحلل في الإطناب.