إصلاح منظومة التربية والتكوين إلى أين؟.. تغييرات في الهيكلة وإعادة التنظيم في المسؤوليات والوظائف وفي الترسانة التشريعية و التدبيرية للقطاع

إن المتتبع لما تعرفه المنظومة التربوية من تحولات و تغييرات في إطار  الإصلاح التربوي الحالي و المقترن بالعشرية التي انطلقت مع بداية الألفية الثالثة؛ و الذي يعتبر الميثاق الوطني للتربية والتكوين-رغم أن أصوات عديدة تحفظت من بعض جوانبه-إطاره المرجعي.

هذه التحولات و التغييرات التي تتجلى في الهيكلة وإعادة التنظيم في المسؤوليات و الوظائف، وفي الترسانة التشريعية والتدبيرية للقطاع.

إن هذا المتتبع سيجد نفسه أمام مفارقة - paradoxe - صارخة و مستعصية على الفهم و الإدراك، وهي مفارقة بين ما يقال و يصرح به رسميا من جهة، وما يعاش في الواقع - واقع المؤسسة التعليمية - من جهة أخرى.

في البداية لابد من التأكيد على أنه لا يمكن أن يجادل أو يختلف أحد في كون تقدم و تطور مجتمع ما هو رهين بشكل وثيق و عضوي بمدى قدرة النظام التربوي - التعليمي لهذا المجتمع على الاضطلاع بوظيفته الأساسية المتمثلة في تأثيث العنصر البشري من خلال تكوين صلب، متجدد و مواكب للعصر ويستجيب لطموحات وحاجيات أجياله ويتلاءم معها لكي تتمكن من رفع التحديات التي باتت تفرضها العولمة و ما يلازمها من تقدم تكنولوجي وعلمي.

تأسيسا عليه، و استحضارا لما جاء في التصريح الأخير (في جريدة الصحراء ب 13/03/06) و الذي اعتبر فيه أن  الإصلاح الذي نعيشه هو إصلاح جذري "وأن الاحتجاجات التي تعرفها الساحة التعليمية هي تعبير عن  ارتدادات اجتماعية" وهي مرتبطة بما سمي  الرفاه السياسي "وأنها لا تدخل في  نطاق الحوار المؤسساتي".

إن ذلك يفرض طرح عدة أسئلة من بينها: 
- فيم تتمثل جذرية الإصلاح التربوي الحالي على مستوى الواقع؟

- هل الفئات التي اتبعت و تتبع أساليب احتجاجية حضارية، والتي تعتبر  مطالبها – باعتراف المسؤولين وفي أكثر من مناسبة – عادلة بل –حسب تعبير الوزير نفسه – دون الحد الأدنى؛ هل هذه الفئات تدخل في نطاق الإرتدادات الاجتماعية (فئات مرتدة)؟

- هل هذه الفئات في حاجة إلى ما سمي بـ"الرفاه السياسي" أم هي في حاجة إلى إنصافها ليكون انخراطها في صيرورة الإصلاح مبنية على القناعة و الاقتناع؟
- ثم، أليست مطالب هذه الفئات جزءا من الإصلاح؟.

إنه و بدون الرجوع إلى بدايات تطبيق "الإصلاح" الحالي؛ وما رافقه من نداءات و ارتفاع أصوات فاعلين غيورين على المدرسة العمومية الوطنية، منبهين إلى المعوقات و الاختلالات التي بدون معالجتها بكل جرأة و واقعية فإنه لن تتعبد الطريق لأجرأة سليمة ومستدامة لبلوغ ما هو مأمول و منتظر من هذا "الإصلاح".
أحدث أقدم

نموذج الاتصال