إباحة النظر للرجل والمرأة بنية الزواج



أباح الشرع الحكيم لمن يريد الزواج أن ينظر كلا الطرفين للآخر وهو من الحق الشرعي، فإذا تقدم الرجل لخطبة امرأة أن يرى منها الوجه والكفين، وهي كذلك لها الحق أن تنظر إلى من تقدم لخطبتها.

 قال الله تعالى: (ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن).
قال القرطبي: في هذه الآية دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها. تفسير القرطبي (14/193).

ولما أراد المغيرة بن شعبة أن يتزوج امرأة، فقال له رسول الله ص: "أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ، فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا".([1])

وعن جابر (ض) أن رسول الله ص قال: "إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ، قَالَ: فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا".([2])

عن أبي حازم، عن أبي هريرة (ض) قال: "كنت عند النبي ص فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله (ص): "أنظرت إليها؟" قال: لا، قال: "فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً".([3]) 

وعن سهل بن سعد الساعدي قال: جاءت امرأة إلى رسول الله (ص) فقالت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله (ص) فصعد النظر  فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله  (ص) رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست فقام رجل من أصحابه، فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: "فهل عندك من شيء؟" فقال: لا والله يا رسول الله، فقال: "اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا"، فذهب ثم رجع، فقال: لا والله ما وجدت شيئا فقال رسول الله (ص): "انظر ولو خاتم من حديد"، فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتم من حديد ولكن هذا إزاري، قال سهل: ماله رداء فلها نصفه، فقال رسول الله (ص): "ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء"، والحاصل الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله (ص) موليا فأمر به فدعى فلما جاء، قال: "ماذا معك من القرآن؟" قال: معي سورة كذا وسورة كذا عددها، فقال: "تقرؤهن عن ظهر قلبك؟" قال: نعم، قال: "اذهب فقد ملكتها بما معك من القرآن".([4])

قال الصنعاني: دلت الأحاديث على أنه يندب تقديم النظر إلى من يريد نكاحها وهو قول جماهير العلماء، والنظر إلى الوجه والكفين لأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده والكفين على خصوبة البدن أو عدمها، وقال الأوزاعي ينظر إلى مواضع اللحم، وقال داود ينظر إلى جميع بدنها، والحديث مطلق فينظر إلى ما يحصل له إليه ويدل على فهم الصحابة لذلك ما رواه عبد الرزاق وسعيد بن منصور أن عمر كشف عن ساق أم كلثوم بنت علي لما بعث بها إليه لينظرها، ولا يشترط رضا المرأة بذلك النظر بل له أن يفعل ذلك على غفلتها كما فعله جابر .اهـ. سبل السلام (3/113).

[1])) صحيح الجامع حديث رقم (859)، السلسلة الصحيحة رقم (96)، صحيح سنن ابن ماجة رقم (1511)، مشكاة المصابيح رقم (3107)، غاية المرام رقم (212).‌
[2])) صحيح أبي داود رقم (1832)، السلسلة الصحيحة رقم (99)، مشكاة المصابيح(3106).
[3])) رواه مسلم برقم (1424)، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها.
[4])) رواه البخاري برقم (833)، باب قول الله جل وعز ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء، ومسلم برقم (1425)، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها.

ماجد إسلام البنكاني