الحبكة والوضعيات السردية في المتن الحكائي



المتن الحكائي والحبكة والوضعيات السردية

يعرف المتن الحكائي بأنه عبارة عن مجموعة من الوضعيات السردية التي تخضع للتحول إيجابا وسلبا، اتصالا وانفصالا.
وبالتالي، تشكل هذه الوضعيات السردية ما يسمى بالحبكة السردية (Intrigue) التي تتضمن مجموعة من الوضعيات الأساسية هي:
- وضعية الاستفتاح أو الاستهلال أو ما يسمى أيضا بالوضعية البدئية.
- وضعية الاضطراب (العقدة والمشكلة).
- وضعية الصراع، سواء أكان داخليا (صراع نفسي) أم خارجيا (صراع واقعي).
- وضعية الحل.
- وضعية النهاية.

تطور المتن الحكائي وصراع الطبقات الاجتماعية

وهكذا، يمكن وصف تطور المتن الحكائي- حسب توماشفسكي- بأنه أشبه بمرور من وضعية إلى أخرى؛ نظرا لاتصاف كل وضعية بصراع المصالح، أو بالصراع بين الشخصيات.

إن التطور الجدلي للمتن الحكائي هو نظير تطور السيرورة الاجتماعية والتاريخية، التي تقدم كل مرحلة تاريخية جديدة كنتيجة لصراع الطبقات الاجتماعية في المرحلة السالفة، وفي الوقت نفسه، كساحة تتضارب فيها مصالح المجموعات الاجتماعية التي تؤلف النظام الاجتماعي القائم.

إن تناقض المصالح والصراع بين الشخصيات يترافق بتجمع هؤلاء، وبتحديد كل مجموعة منهم لخطة أعمالها ضد المجموعة الأخرى.إن تطور الفعل، ومجموع الحوافز التي تميزه، يسمى حبكة (تختص الحبكة بالشكل الدرامي).

الحبكة السردية وتطور الوضعيات السردية

ويعني هذا أن الحبكة السردية هي انتقال من وضعية حدثية إلى أخرى، أو هي تطور في الوضعيات السردية.
وأكثر من هذا، فالوضعية هي بمثابة صراع بين الشخصيات حول المصالح أو حول المواضيع ذات القيمة، كما قال السيميائيون فيما بعد.

كما أن الوضعيات قد تتعقد عبر مسار المتن الحكائي، أو تنفرج أزماتها وتتلاشى، أو تتشابك وتخلق من جديد. فثمة حركية درامية متوترة دائما. وغالبا ما تنتهي القصة بانتصار الخير، وسقوط الشر، أو بانتصار الفضيلة، وانهيار الرذيلة...

هذا، وتتميز البداية الاستهلالية بالتوازن الذي سرعان ما يتحول إلى اضطراب في شكل عقدة ومشكلة وانتهاك، ثم تنتهي العقدة بانفراج وحل. أي: تعرف الحبكة مجموعة من التحولات والتقلبات أو المرور من وضعية إلى أخرى.

صراع وتناقض الشخصيات في المتن الحكائي

علاوة على ذلك، يتميز المتن الحكائي بوجود شخصيات متصارعة ومتناقضة على مستوى القيم والمصالح والأفكار والأهواء. ويسبب هذا الصراع في القيم ما يسمى بالتوتر.

وفي هذا السياق، يقول توماشفسكي: كلما كانت الأزمات التي تميز الوضعية معقدة، وكانت الشخصيات متعارضة كلما كانت الوضعية متوترة.

إن التوتر الدرامي يزداد بقدر ما يزداد قربا موعد انقلاب الوضعية.ويتم الحصول على هذا التوتر، عادة، بالتهيؤ لذلك الانقلاب.
هكذا، تكون للأعداء الذين يريدون موت البطل، في رواية المغامرات...، اليد الطولى دائما.

لكن، في اللحظة الأخيرة، وعندما يغدو الموت وشيك الوقوع، يتحرر البطل فجأة ، فتنهار المكائد.إن التوتر يزداد بفضل التهيؤ الذي أشرنا إليه.
وقد يتخذ التوتر طابعا جدليا لوجود الأطروحة ونقيضها وتركيبها النهائي.

الوضعية الابتدائية في المتن الحكائي

علاوة على هذا، قد يبدأ المتن الحكائي بوضعية ابتدائية تكون مدخلا حكائيا أو عرضا (Exposition)، كأن تحدد حالة الشخصيات المختلفة، وتعرف بها إجمالا أو تفصيلا، ثم تبين علاقاتهم، أو تصف المكان، أو تقدم الحدث الرئيس.بيد أن الحكي لايبدأ دائما بهذا المدخل أو بهذا العرض.

بمعنى أن هناك عرضا مباشرا، حينما تبدأ الحكاية بتقديم الشخصيات والوقائع الرئيسية، وهناك عرض مؤجل (Exposition retardée)، حينما يؤجل السارد وضعية التعريف إلى محطة أخرى، قد تكون في وسط السرد أو في نهايته، ويكون الحل بمثابة حل للوضعيات السردية .

هذا، وترتب الأحداث، داخل المتن الحكائي، إما بطريقة سببية، وإما بطريقة زمنية، وإما تخضع للتشظية والخلخلة، كما يظهر ذلك في النصوص السردية الجديدة والحداثية.

وبالتالي، لا تقتصر الأحداث على التنظيم الكرونولوجي الذي يمتد من الحاضر نحو المستقبل، فقد تخضع هذه الأحداث للانحرافات الزمنية، إما بالعودة إلى الماضي(الفلاش باك)، وإما باستشراف المستقبل.