الشرطة في مملكة الحجاز.. حفظ النظام في الداخل ومنع الجرائم والمشاجرات ومراقبة تنفيذ الأوامر الحكومية



عهدت الحكومة مهمة حفظ النظام في الداخل الى جهاز الشرطة الذي قامت بتشكيله بصيغته النهائية في قانون الشرطة الذي وضعته في 20 ربيع الثاني 1335هـ شباط 1917، حيث اصبح بموجبه تشكيل أجهزة للشرطة في مختلف المدن الحجازية، وبما يتناسب وحجم المدينة والظروف التي تتطلب ذلك على ان يناط تقدير ذلك الى وزارة الداخلية.

كان مرجع الشرطة في المدن الحجازية، هو حاكم المدينة بينما كان ارتباط مدير شرطة العاصمة بوزارة الداخلية مباشرة، وهي نفسها (الوزارة) التي تتمتع بصلاحية تعيين او عزل مدراء الشرطة من المدن الحجازية وفقا لما ترتئيه من شروط الكفاءة والمقدرة.

في حين انيط قبول الافراد في جهاز الشرطة بمجلس خاص يعقد برئاسة حاكم المدينة المعينة، وعضوية كل من رئيس البلدية وقائد الحامية فيها.

اما واجبات جهاز الشرطة فكانت مقسمة ـ رغم تشابه مضمونها ـ الى قسمين، قسم يتعلق برؤساء الشرطة والقسم الآخر بأفراد الشرطة أما أهم واجبات رؤساء الشرطة... فكانت تنحصر بضبط النظام في وحدات الشرطة، والامور المتعلقة بواجباتهم ووظائفهم، كما كان من صلاحياتهم تسوية النزاعات القائمة بين الباعة، وقضايا السوق التي لا تتجاوز قيمتها العشرين قرش، وحبس المتنازعين، واحالة ما يستعصي حله من القضايا الى المراجع العليا، بالاضافة الى منعهم للسرقات والقبض على السكارى والمخلين بالآدات.

وكان على رئيس الشرطة ان يرفع تقريرا مجملا بكل 24 ساعة الى حاكم البلدة بالحوادث المتعلقة بدائرته.

ومع ما تقدم من الصلاحيات بالنسبة لمدراء الشرطة، فإن الاخيرين غير مخولين بحبس الاهالي الا في ضوء ما تقدم من تعليمات، اما فيما عداها فإن عليهم مراجعة حاكم البلدة لتنفيذ الحكم اذا اقتضى الامر ذلك، كما حظر على مدير الشرطة من ضرب الشخص أو الامر بتنفيذ ذلك، وبعكسه يحال الى محكمة خاصة تتمثل بهيأة تضم معاون حاكم المدينة رئيسا للمحكمة وعضوية كل من وكيل ماليتها، ورئيس كتاب المحكمة الشرعية فيها، وفي حال غياب معاون حاكم المدينة، فينيب عنه قائد حاميتها رئيسا للمحكمة.

اما الواجبات الملقاة على عاتق افراد الشرطة، فلم تكن تتعدى واجبات الشرطة الاعتيادية كمنع الجرائم والمشاجرات ومراقبة تنفيذ الأوامر الحكومية... ومساعدة الاجهزة الحكومية المختلفة، على ان يراجع افراد الشرطة ـ قبل قيامهم بأي اجراء خلال الواجب ـ جهات الشرطة العليا في المنطقة...

ومن الطبيعي ان تكون هناك عقوبات رادعة للمخالفات التي يرتكبها الشرطة، كإهمال الواجب او الرشوة او غير ذلك على ان تتولى محاكمة المذنب ومعاقبته الهيأة السالفة الذكر، فضلا عن صلاحيتها في عزل الشرطي عن وظيفته حالة توفر المسببات دون ان يكون لمدير الشرطة اية صلاحية في ذلك...

لقد نظمت في كل مركز من مراكز شرطة المملكة دفاتر خاصة بأسماء منتسبيها منذ بدء خدمتهم، بالاضافة الى اسماء الملتحقين الجدد. كما كان لكل موقع من مواقع مراكز الشرطة كشوفه الخاصة برواتب افراده مع كشف خاص بأفراد الشرطة السرية.

وكانت هذه الكشوفات في نسختين واحدة لموقع الشرطة لاستخدامها عند الحاجة واخرى لهيأة الادارة المركزية التي شكلت في وزارة الحربية للتدقيق في الرواتب المدفوعة لافراد الشرطة، والملاحظ ان الحكومة تقوم بتوزيع هذه الرواتب بعد تصفية عامة باحتياجات كل مركز فيها بما في ذلك خصم كافة الاستقطاعات المترتبة على رواتب الشرطة، وفرزها لتترك في خزينة الدولة لتتولى وزارة المالية أمرها.