شرح وتحليل: وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّير في وُكنَاتِهَا + بِمُنْجَردٍ قَيدِ الأوابِدِ هَيْكلِ



وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّير في وُكنَاتِهَا + بِمُنْجَردٍ قَيدِ الأوابِدِ هَيْكلِ


شرح الكلمات:

  • غدا يغدو غدوًا واغتدى اغتداءً واحدًا.
  • الطير جمع طائر مثل الشَّرْب في جمع شارب والتَّجْر في جمع تاجر والركب في جمع راكب.
  • ثم يجمع على الطيور مثل بيت وبيوت وشيخ وشيوخ.
  • الوكنات: مواقع الطير، واحدتها وكنة، وتقلب الواو همزة فيقال أكنة، ثم تجمع الوكنة على الوُكُنات، بضم الفاء والعين، وعلى الوُكَنات، بضم الفاء وفتح العين، وعلى الوُكْنات، بضم الفاء وسكون العين، وتُكَسَّر على الوُكَن، وهذا حكم فعلة نحو ظلمة وظُلُمات وظُلَمات وظُلَم.
  • المنجرد: الماضي في السير، وقيل: بل هو القليل الشعر.
  • الأوابد: الوحوش، وقد أبد الوحش يأبد أبودًا، ومنه تأبد الموضع إذا توحش وخلا من القُطَّان، ومنه قيل للفذ آبدة لتوحشه عن الطباع.
  • الهيكل، قال ابن دريد: هو الفرس العظيم الجرم، والجمع الهياكل.

شرح البيت:

يقول: وقد أغتدي والطير بعد مستقرة على مواقعها التي باتت عليها على فرس ماضٍ في السير قليل الشعر، يقيّد الوحوش بسرعة لحاقه إياها عظيم الألواح والجرم.
وتحرير المعنى: أنه تمدَّحَ بمعاناة دجى الليل وأهواله، ثم تمدَّحَ بتحمل حقوق العفاة والأضياف والزوار، ثم تمدح بطيّ الفيافي والأودية، ثم أنشأ الآن يتمدح بالفروسية.
يقول: وربما باكرت الصيد قبل نهوض الطير من أوكارها على فرس هذه صفته.
وقوله: قيد الأوابد جعل لسرعة إدراكه الصيد كالقيد لها لأنها لا يمكنها الفوت منه كما أن المقيد غير متمكن من الفوت والهرب.

تحليل البيت:

البيت من معلقة امرئ القيس، وهو يصف فيه فرسه الذي يخرج به للصيد في الصباح الباكر.
قد اغتدي والطير في وكناتها: أي أنه خرج للصيد في الصباح الباكر، قبل أن تخرج الطيور من أعشاشها. وهذا يدل على أنه فارس ماهر، يجيد اختيار الوقت المناسب للصيد.
بمنجرد قيد الأوابد هيكل: أي أنه خرج على فرسه الذي يشبه قيد الأوابد في قوته وسرعته. والقيد هو ما يربط به الوحش، فكأنه يشبه الفرس في قوته وسرعته.

الخصائص الفنية:

هذا البيت من أجمل أبيات الشعر العربي، لما فيه من بلاغة ووصف بديع. وقد استخدم فيه امرؤ القيس عدة ألوان بلاغية، منها:

- كناية:

في قوله "الطير في وكناتها"، فقد شبه الطير في أعشاشها بالكنايات، وهذا يدل على دقة ملاحظته وحسن تصويره.

- تشبيه:

في قوله "بمنجرد قيد الأوابد هيكل"، فقد شبه الفرس بقيد الأوابد، وهذا يدل على قوته وسرعته.

- استعارة

في قوله "قيد الأوابد"، فقد استعار صفة القيد للوحش، وهذا يدل على قوة الفرس وسرعته.
كما أن هذا البيت يعكس شخصية امرئ القيس الفروسية، فهو فارس شجاع يخرج للصيد في الصباح الباكر، ويختار فرسًا قويًا وسريعًا.