سفارات القادة والأمراء العرب إلى الأمم الأخرى.. الملك نيزك طرخان وملك خوارزم وملك الصين



في سنة ( 87هـ/ 705م) أرسل قتيبة بن مسلم الباهلي، سفيره (سليم الناصح) مولى عبيد الله بن أبي بكر إلى نيزك طرخان يدعوه إلى الصلح، وإطلاق سراح أسرى العرب والمسلمين عنده، و كان مع سليم الناصح كتاب موجه إلى الملك نيزك من قتيبة حلف الأخير فيه بالله لئن لم يقدم عليه لطلبه حيث كان وبعد أن قرأ نيزك كتاب قتيبة، أعرب عن استنكاره، لما فيه من غلظة، وأوضح سليم لنيزك: أن قتيبة إذا سوهل صعب وإذا عوسر، فلا يمنعك منه غلظة كتابه إليك. فاقتنع نيزك بكلام السفير العربي، فقدم مع السفير سليم إلى قتيبة فصالحه وأهل باذغيس على أن لا يدخلها قتيبة.

وفي سنة 93هـ/ 711م، أرسل قتيبة بن مسلم الباهلي سفارة إلى ملك خوارزم وأرسل الأخير سفارات إلى قتبية توصل السفراء إلى اتفاق مبدأي على أن يسلم ملك خوارزم بلاده على أن يسلم قتيبه الخارجين عن ذلك الملك من أهالي خوارزم شاه – منهم أخ الملك خرزاد.

وقد أرسل قتيبة بن مسلم الباهلي سنة (96هـ/ 714م) سفارة ضخمة إلى ملك الصين بطلب من الأخير، إذا انتخب قتيبة من عسكره اثني عشرة رجلا – ويقال عشرة – من أمناء القبائل لهم جمال وأجسام والسن وشعور وبأس، وبعدما سأل عنهم قتيبة فوجدهم من صالح من هم معه فلما كلمهم قتيبة فرأى عقولا وجمالا، فأمر لهم بعدة حسنة من السلاح والمتاع الجيد من الخز والوشي والنعال والعطر وحملهم على خيل و ودواب يركبونها، وكان هبيرة بن المشمرج ألكلابي رئيس الوفد".

فالتقى قتيبة بالسفراء ووصاهم قائلا: "لا تضعوا العمائم عنكم، حتى تقدموا البلاد، فإذا دخلتهم عليه فاعلموه أني قد حلفت ألا انصرف حتى اطأ بلادهم، وأختم ملوكهم، وأجبي خراجهم".

وصل سفراء قتيبة إلى الصين، وأرسل ملك الصين يدعوهم، فدخلوا الحمام ثم خرجوا فلبسوا ثيابا بيضا ولبسوا النعال والأردية، ودخلوا على الملك في اليوم الأول وعند عظماء مملكته، فجلسوا فلم يكلمهم الملك ولا احد من جلسائه نهضوا فغادروا المكان".

وفي اليوم الثاني: أرسل ملك الصين إلى الوفد فلبسوا الوشي الخز وأردية خز مربعة الشكل، فلما دخلوا على الملك، قيل لهم ارجعوا".

فلما كان اليوم الثالث، أرسل ملك الصين إليهم، فشهروا عليهم سلاحهم، ولبسوا البيض وتقلدوا السيوف واخذوا الرماح وتنكبوا القسي وركبوا خيولهم، فنظر إليهم ملك الصين. فركزوا رماحهم ثم اقبلوا نحوهم مشمرين، فقيل لهم ارجعوا، فانصرفوا وركبوا خيولهم، ... فقال ملك الصين قد رأيتم عظيم ملكي.. وانأ سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتكم.. فسأله عن زي السفراء العرب في اليوم الأول، فأجابه هبيرة بأنه زي العرب بين أهلهم، أما زى السفراء العرب في اليوم الثاني لما دخلوا على ملك الصين فهو ملبسهم عند مقابلة الأمراء.

أما في الوفد في اليوم الثالث فهو الزى الذي يتقلده العرب لاعداءهم حسب وصف هبيرة ألكلابي لملك الصين.وابدي ملك الصين تهديدا للسفراء العرب في عبارة  مفادها على قتبية أن يعود أدراجه إلى بلاده، لأن العرب قليلون فأجابه هبيرة رئيس الوفد: "كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله من بلادك، وأخرها في منابت الزيتون".

فأرسل ملك الصين تراب بلاده وعدد من أبناءه إلى قتيبة حتى يخرج الأخير من قسمه ليطأ ارض الصين، ودفعوا الجزية، وختم قتيبة الغلمان وردهم، ووطئ تراب الصين.