مناهج الدراسة في المدارس الكاتدرائية.. الحساب والهندسة والفلك والموسيقى وعلوم اللاهوت والفلسفة والقانون



تعددت مناهج الدراسة في المدارس الكاتدرائية.
إذ اهتم بعضها بالعناية الخاصة بدراسة النحو ودراسة نماذج من الشعر والنثر والمنطق أي دراسة المجموعة الثلاثية التي هي النحو والبيان والمنطق.

وبعضها اهتم كثيرا بدراسة الرباعية التي هي الحساب والهندسة والفلك والموسيقى كما حظيت العلوم بقسط وافر من العناية وفي مقدمتها علوم اللاهوت والفلسفة والقانون بل جرت العادة لأن يكون لكل رئيس أساقفة كرسيان أحدهما للفلسفة والآخر للقانون الكنسي.

وكانت الكاتدرائيات تنفق من أموالها على الطلاب الذين كانوا يؤهلون ليصبحوا رجال دين.

أما الطلاب الآخرين فكانوا يؤدون أجوراً قليلة ما عدا الفقراء منهم الذين كانوا يعفون من ذلك.

بل إن الكنيسة كانت تخصص رواتب كافية للمعلمين الذين يتولون تعليم من يعدون لمهنة الكهانة وفقراء التلاميذ بالمجان.

فقد أصدر مجلس لاتران الثالث 1179م قرارا يقول: لكي لا يحرم الأطفال الفقراء من فرصة القراءة والرقى يجب أن يخصص مرتب كاف لمدرس يعلم بالمجان من يعدون لممارسة الكهانة وللفقراء من التلاميذ.

كما أن معظم المتعلمين كانوا من فئة الذكور، رغم أن المدارس الكاتدرائية كانت تقبل البنات.

وإن أهم وأشهر الكاتدرائيات التي برزت في الميدان الثقافي في القرن الثاني عشر هي تلك الواقعة في شمال فرنسا إذ ظهرت أهمية شارتر وأورليان في حركة إحياء الدراسات الكلاسيكية وأهمية ريمس ولاؤون في الدراسة المدرسية وأهمية باريس التي انبعث منها أول شعاع للحركة الجامعية في شمال أوربا كما احتلت كاتدرائة كانتربوري مكانة كبيرة في أنجلترا.

فقد قام رئيس أساقفتها ليوبالد (1138-1161م) الذي تلقى تعليمه بمدرسة درير بك بقرنسا بجمع عدد كبير من المفكرين حوله كما اتخذ جنا سللسبوري مكربيرا له وماستر  فكاريوس مستشاراً قانونيا.

وهكذا ارتبطت هذه الكاتدرائية بعدد بارز من الشعراء والأدباء ورجال القانون وغيرهم من المفكرين كما اشتهرت هذه الكاتدرائية بمكتبتها الضخمة.