المواصلات في مملكة الحجاز.. وضع قانون خاص بتنظيمات البريد والبرق الإدارية واتساع شبكة التليفونات وتأسيس سكة حديد الحجاز



أولت الحكومة شيئا من اهتمامها لتنظيم المواصلات ـ وبشكل ادق ـ نظام البريد والبرق ـ قياسا على جوانب المواصلات الاخرى ولعل للضروريات العسكرية في السنوات الاولى وعلاقته بالخطط العسكرية البريطانية اثرها في ذلك.

فقد وضعت في بادئ الامر في 5 جمادي الثاني 1335هـ / نيسان 1917 قانونا خاصا بتنظيمات البريد والبرق الادارية، في الوقت الذي قامت فيه بتأسيس دائرة مركزية لهذا الجهاز في العاصمة، لتشرف على الدوائر الفرعية في المدن الاخرى التي قامت الحكومة بتأسيسها بما في ذلك تزويدها بالاجهزة اللاسلكية، ومن هذه المدن جدة والطائف، وينبع، ورابغ، والوجه، العقبة والقنفذة.

وكانت الحكومة قد باشرت في تسيير عمل هذا المرفق بعد شهور من الثورة وقبل البدء في تنظيمه كليا، وشرعت في اصلاحه وعينت له بعض الموظفين المختصين بأمور البريد والبرق...

وقامت بتأسيس مكتب خاص داخل الدائرة المركزية للبريد والبرق لتدريب بعض الاعداد على الامور المتعلقة بهذا المجال، ووضعت السجلات الكافية لضبط امورها مع مدير يرأس سير العمل فيها.

واخذت شبكة التلفونات بالاتساع نسبيا عما كانت عليه في السابق وبالذات في الدوائر الحكومية.

إذ وصل عدد التلفونات في مكة فقد عام 1916/1917 (42) هاتف، بعد ان كانت في السابق لا تتجاوز الخمسة، هذا فضلا عما يذكر من استخدامها في بعض المحلات التجارية وبعض البيوت ولو بشكل ضئيل.

واتخذت بعض السبل لإيصال الرسائل والحزم والمحفوظات الى ذويها بين المدن المختلفة وخصصت من يتحمل نقلها من الموظفين، وكانت عملية النقل تتم مرتين او ثلات في الاسبوع.

أما عن الطوابع البريدية فقد اصدرت دائرة البريد عددا من الطوابع، جاء في بدايتها سنة 1916 طابعين من فئة القرش ونصف القرش، صدر عنها بعد ذلك طوابع جديدة من فئة القرشين، ثم اضيفت اليها ثلاثة طوابع أخرى اطلق عليها، (طوابع المستحق)  وبثلاث فئات فئة القرشين والقرش والعشرين بارة، ويضاف الى هذه الانواع طوابع الرسوم التي مرت بنا والخاصة بالمعاملات المختلفة ورسومها.

وقد خصصت اماكن معينة في اسواق الحجاز تتمتع بإجازة بيع الطوابع واكثر الظن ان اجازتها كانت تتم بتخويل من وزارة المالية كما يتضح من الاعلانات الصادرة من الوزارة بهذا الخصوص.

اما بالنسبة للمواصلات البرية فكانت ـ ما عدا سكة حديد الحجاز ـ على حالها من الاساليب القديمة في اعتمادها على الحيوانات كالابل والخيول والبغال.

ولعل في ضعف الامكانيات المالية وطبيعة الحجاز ووعورة طرقه اثره في هذا المجال.

وقد بذلت الحكومة بعض الجهود لاصلاح الاقسام المتضررة للسكة الحديدية جراء العمليات الحربية في السنوات الاولى وتمكنت فيما بعد من اصلاحها.

ويلاحظ ان هناك مشاريع تتعلق بالخطوط الحديدية كان من نصيبها الفشل، كالمشروع الهادف الى ربط مدينتي ينبع والوجهة بالمدينة المنورة، بعد ضعف مكانتهما التجارية، اثر تحول طريق الحج عنهما.

وقد طرح هذا المشروع للحسين في سنة 1923 لدراسته الا انه اهمل بعدها ولم يرد ذكره من جديد.

كما فشل مشروع سكة حديد مكة ـ جدة هو الآخر، لكثرة السيول ـ كما أرجعها البعض ـالتي تتعرض لها هذه المنطقة ورفض الحسين لرؤوس الاموال الأجنبية لتنفيذ هذا المشروع، إضافة الى معيشة القبائل البدوية التي تعتمد على أعمال النقل في هذه المنطقة.

والواقع أن فشل مثل هذه المحاولات يعود الى ضعف مالية الدولة خصوصاً في مثل هذه الفترة المتأخرة من عمر المملكة.

وهناك بعض الإشارات التي ترد عن بعض المحاولات الفقيرة لتأسيس شركة تعنى بأمر النقل البري بين الحجاز والاقطار العربية الأخرى.

وقد أسست شركة من هذا النوع باسم الشركة الوطنية لسير البواخر والسيارات البرية في البلاد العربية وذلك في تشرين الثاني 1920 . لكنها كانت محاولات عاجزة سرعان ما اختفى ذكرها.