النص القرائي التلوث المائي - شهير العبسي، مصادر التلوث المائي وآثاره الضارة - مجلة بلسم



يصف البعض التلوث بأنه البديل المعاصر للأوبئة والمجاعات، ويعرف التلوث عمومـا، بأنه وجود أي مادة أو طاقة في أمكنة وأزمنة غير مناسبة، أو وجودها بكميات غير ملائمة.

أما التلوث المائي، فإن علماء البيئة يقدمون له تعريفا أدق فهو في عرفهم التغيير في الصفات الكيميائية والفيزيائية والاشعاعيات الذي يمكن أن يسبب الضرر عند استخدام هذه المياه، أو يلحق الضرر بالثروة الحيوانية أو السمكية أو البحرية الأخـرى.

تشكل مياه المجاري، أو مياه الصرف الصحي، كما يسميها البعض، المصدر الأول، ولعله الأقدم، لتلوث المياه.
وقد يصيب التلوث الماء بفعل فضلات غير عضوية، مثل: الرمال والخضار، أو بسبب تساقط الأمطار الحمضية وإلى ما سبق من الفضلات المسببة لتلوث المياه، يمكن أن نضيف المواد الكيميائية التي تحملها مياه الصرف الصناعي.

وقد بينت الدراسات التي أجريت على بعض المخلفات الصناعية أن المواد الموجودة في هذه المخلفات تستهلك الأوكسجين المنحل من الماء مقدارا يزيد على أربعة ألاف ما تستهلكه فضلات الصرف الصحي.

إن التلوث النفطي هو أحدث مصدر لتلوث المياه، فقد اقترن ظهوره مع تحول النفط إلى الطاقة الأولى في العالم، وإذا علمنـا أن كل لتر من النفط يستهلك الأوكسجين في 400 ألف لتر من الماء أدركنـا مدى خطورة تسرب النفط إلى المياه، فالعديد من حوادث التلوث المشهورة نجمت عن الاهمال وعدم الاكتراث، وبعض أشهر الكوارث حدثت بفعل العمليات الحربية، كما جرى أثناء حرب الخليج الأولى، تقدر كميات النفط التي تلوث المياه بحوالي مليوني طن سنويا، أما كمية التلوث نتيجة استخدام الانسان فهي تتجاوز عشرة ملايين طن، يضاف إليها كميات أخرى ناجمة عن استخراج النفط.

ولا تقتصر على التكاليف المادية الكبيرة الازمة لإزالة البقعة. إن التسرب النفطي يترك آثـارا شبه دائمة على منطقة الكارثة، تتمثل في الخسارة الكبيرة في الثروة المائية والحياة البحرية.

إن أي سياسة ايكولوجية ناجحة يجب أن تستند الى ركائز ثلاث هـي: منع التلوث، وتخفيضه، والتحكم فيه.
ومنع التلوث يعني عدم انشاء مصادر جديدة للتلوث، واشتراط معالجة الفضلات الناجمة عن العمل، قبل منح أي تراخيص جديدة للمصانع والمنشآت التي تطرح نفايات ملوثة.

أما السبيل الأمثل لحماية مصادر مياه الشرب من بعض التلوث، فيتمثل في تحديد جغرافي لمصدر مياه الشرب يحظر فيه السكن، والرعي، والزراعة، والنشاطات الأخرى التي يمكن أن تشكل منفذا لتسرب الملوثات الى المياه.

إن مواجهة التلوث تتطلب وعيا بيئيا ليس فقط على مستوى عامة الشعب، بل على مستوى السلطات المسؤولة التي عليها مكافحة محاولات الشركات الافلات من عقوبات تلويث البيئة رغم أنف التشريعات، كما أن دول العالم الثالث معنية بدورها بادراك الخطر الكبير الناجم عن تحويل بلدان افريقيا إلى مدافن للنفايات النووية السامة.


0 تعليقات:

إرسال تعليق