لقد دعت بعض قوانين الأحوال الشخصية للدول العربية والإسلامية إلى وجوب توثيق عقد الزواج، ولكنها تتفاوت في الحكم على من يتزوج دون توثيق الزواج بوثيقة رسمية معترف بها لدى الدولة، ويمكن أن نلخصها في أربع اتجاهات في هذا الأمر([1]).
1- القوانين التي تلزم توثيق العقد بدون ذكر عقوبة لهذه المخالفة، منها القانون المغربي، حيث نص في الفصل الثالث والأربعين: (على أن يسجل العقد بسجل الأنكحة لدى المحكمة وترسل نسخة منه إلى إدارة الحالة المدنية).
2- القوانين التي ترفض سماع الدعوة في الزواج إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة رسمية، قانون مصر والكويت: جاء في المرسوم رقم 78 لسنة 1931 الذي نص في الفقرة الرابعة المادة99: على أنه (لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بورقة رسمية).
3- قوانين توجب عقوبة على عدم توثيق عقد الزواج لدى الموظف الرسمي للدولة، وتتفاوت مقدار العقوبة من دولة إلى أخرى، منها القانون العراقي والقانون الأردني.
جاء في القانون العراقي الفقرة الخامسة من المادة العاشرة منه ما نصه: (يعاقب بالسجن مدة لا تقل ستة أشهر ولا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تقل عن ثلاث مائة دينار ولا تزيد على ألف دينار كل رجل عقد زواجه خارج المحكمة).
ونصت المادة 17 من القانون الأردني: (يجرى عقد الزواج مأذون القاضي بموجب وثيقة رسمية، وللقاضي بحكم وظيفته في الحالات الاستثنائية أن يتولى ذلك بنفسه بإذن من قاضى القضاة ).
وإذا جرى الزواج بدون وثيقة رسمية، فيعاقب كل من العاقد والزوجين والشهود، بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني، وبغرامة على كل منهم لا تزيد على مائة دينار)([2]).
4- القوانين التي تعتبر هذه العقود باطلة منها القانون التونسي، الذي ينص في الفصل الرابع من الأحكام التي تتعلق بالزواج: على أنه لا يثبت الزواج إلا بحجة رسمية يضبطها قانون خاص)([3]).
أما في الجزائر فقد كان في السابق يتم إبرام العقود من طرف شيوخ وأئمة المساجد، وقد اشتهر عند الجزائريين تسمية العقد بالفاتحة، وبعد العرس والدخول يسجل العقد في البلدية على يد ضابط الحالة المدنية، ومازال بعض الجزائريين في البوادي والمداشر والرحل في الصحراء لا يسجلون عقود زواجهم.
وقد أصدرت وزارة الشؤون الدينية في السنوات الأخيرة، تعليمات إلى الأئمة بالامتناع عن إجراء العقود الشرعية قبل توثيقها، وبررت ذلك بالمشاكل الناتجة عن عدم التوثيق منها: (عدم اعتراف الزوج بنسب ابنه –تهرب بعض الأزواج في تحمل النفقة بعد الطلاق)([4]).
أما في فرنسا فقد أعطيت تعليمات وتوجيهات من طرف القائمين على العمل الإسلامي، للائمة ورؤساء الجمعيات والمراكز الإسلامية، بالامتناع عن إبرام عقد الزواج ما لم يحضر طالبي الزواج ورقة من البلدية تثبت إتمام إجرائه وتسجيله في البلدية. فالقانون الفرنسي يلزم بتسجيل العقد في البلدية، ويعاقب كل رجل دين عقد زواجا قبل تسجيله في البلدية.([5]).
[1] المرجع السابق ص 145/147.
[2] المر جع السابق ص145/147.
[3] انظر دور المراكز الإسلامية في الدول غير الإسلامية في توثيق الزواج والطلاق عبد الحميد المجالى ص7.
[4] جدل بالجزائر لاشتراط الزواج المدني قبل الشرعي-أميمة احمد.
[5] قانون العقوبات الفرنسي المادة 199/200.