أحكام جملة صلة الموصول والضمير العائد عليها



أحكام جملة صلة الموصول والضمير العائد عليها:

يحتاج الإسمُ الموصولُ إلى صِلَةٍ وعائد ومحلّ من الإعراب.
فالصلةُ: هي الجملةُ التي تُذكرُ بعدهُ فَتُمتَمُ معناهُ، وتُسمى: (صلةَ الموصول)، مثل: "جاء الذي أكرمتُهُ".
ولا محلَ لهذه الجملة من الإعراب.
والعائدُ: ضميرٌ يعودُ إلى الموصولِ وتَشتملُ عليه هذه الجملة.
فإن قلتَ: "تعلْمْ ما تنتفعُ به"، فالعائدُ الهاءُ، لأنها تعود إلى "ما".
وإن قلتَ: "تعلّم ما ينفعك"، فالعائدُ الضميرُ المستترُ في "ينفعُ" العائدُ إلى "ما".

شروط الضميرِ العائدِ إلى الموصول الخاص والمشترك:

الضميرِ العائدِ إلى الموصول الخاص:

ويُشترَطُ في الضميرِ العائدِ إلى الموصول الخاصّ أن يكون مطابقاً لهُ إفراداً وتثنيةً وجمعاً وتَذكيراً وتأنيثاً، تقول: "أَكرِمِ الذي كتبَ، والتي كتبتْ، والَّلذَينِ كتبا، واللتّين كتبتا، والذينَ كتبوا، واللاَّتي كتَبْنَ".

الضمير العائدُ إلى الموصول المشترَك:

أما الضمير العائدُ إلى الموصول المشترَك، فلك فيه وجهان: مراعاةُ لفظِ الموصول، فَتُفرِدهُ وتَذكرُه مع الجميع، وهو الأكثرُ، ومراعاةُ معناهُ فَيطابقُه إفراداً وتثنيةً وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً، تقول: "كرّمْ من هذَّبكَ"، للجميع، إن راعيتَ لفظَ الموصول، وتقول: "كرّمْ من هذَّبَكَ، ومن هذَّباك، ومن هَّبَتاكَ، ومن هَذبوك، ومن هذَّبْنك" إن راعيتَ معناهُ.

وإن عاد عليه ضميرانِ جاز في الأول اعتبارُ اللفظِ، وفي الآخر اعتبارُ المعنى. وهو كثيرٌ.
ومنه قوله تعالى: {ومنَ الناس من يقول آمنّا بالله وباليوم الآخر، وما هم بؤمنين}، فقد أَعاد الضميرَ في "يقول" على "من" مفرداً، ثم أَعاد عليه الضميرَ في قوله: {وما هم بمؤمنين} جمعاً.

وقد يُعتبرُ فيه اللفظُ، ثم المعنى، ثم اللفظُ، ومنه قوله تعالى: {ومنهم مَنْ يشتري لَهْوَ الحديث}، فأفرد الضمير.
ثم قال: "أُولئك لهم عذاب مُهينٌ"، فجمعَ اسم الإشارة.
ثم قال: {وإذا تُتلى عليه آياتُنا}، فأفردَ الضمير.

محل الاسم الموصولِ من الإعراب:

ومحلُّ الموصولِ من الإعراب يكون على حسبِ موقعه في الكلام، فتارة يكون في محلّ رفعٍ مثل: {قد أَفلحَ مَنْ تَزكّى}.
وتارةً يكون في محلّ نصبٍ مثل: "أَحبِبْ من يُحبُّ الخيرَ".
وتارةً يكون في محل جرٍ، مثل: "جُدْ بما تَجِدُ".

شروط جملة صلة الموصول:

ويُشتَرطُ في صلة الموصول أن تكون جملةً خَبريةً مُشتملةً على ضميرٍ بارزٍ أو مُستترٍ يعودُ إلى الموصول.
ويسمى هذا الضميرُ (عائداً)، لعَوده عل الموصولِ.
فمثال الضمير البارز: "لا تُعاشر الذينَ يُحَسِّنون لك المُنكرَ" ومثال الضمير المستتر: "صاحبْ من يدُلك على الخير".

الجملة الخبرية:

والمراد بالجملة الخبرية: ما لا يتوقف تحققُ مضمونها على النطق بها.
فإذا قلت: "كرمت المجتهد أو سأكرمه" فتحقق الإكرام لا يتوقف على الإخبارَ به.
فما كان كذلك من الجمل صحّ وقوعه صلةً للموصول.

الجمل الإنشائية:

أما الجمل الإنشائية، وهي: ما يتوقف تحققُ مضمونها على النطق بها، فلا تقع صلة للموصول، كجمل الأمر والنهي والتمني والترجي والاستفهام، فان قلت: (خذ الكتاب)، فتحقق أخذه لا يكون إلا بعد الأمر به.

الجملتان الشرطية والقسمية:

أما الجملتان: الشرطية والقسمية، فهما إنشائيتان، ان كان جوابهما إِنشائياً مثل: "إِن اجتهد علي فأكرمه، وبالله أكرم المجتهد"، وخبريتان إن كان جوابهما خبرِياً، مثل: "إن اجتهد علي كرَّمته، وبالله لأكرمنَّ المجتهد".

فوائد ثلاث حول جملة صلة الموصول:

1- وقوع جملة الصلة بعد الاسم الموصول:

يجبُ أن تقعَ صلةُ الموصول بعده، فلا يجوز تقديمها عليه. وكذلك لا يجوز تقديمُ شيءٍ منها عليه أيضاً.
فلا يقال: "اليومَ الذينَ اجتهدوا يُكرَمون غداً".
بل يقال: "الذين اجتهدوا اليومَ"، لأنَّ الظرف هنا من متممات الصلة.

2- وقوع صلة الموصولِ ظرفا وجارا ومجرورا:

تقع صلةُ الموصولِ ظرفاً وجارًّا ومجروراً، مثل: "أكرِم مَنْ عنده أدبٌ، وأحسنْ إلى مَنْ في دار العجزة"، لأنهما شبيهتان بالجملة، فإنَّ التقدير: "منِ استقرَّ أو وُجِدَ عنده أدبٌ، ومن استقرَّ أو وُجِدَ في دار العجزة".
والصلة في الحقيقة إنما هي الجملة المحذوفة، وحرف الجرّ والظرفِّ متعلقانِ بفعلها.

3- حذَف الضمير العائد إلى الموصول:

يجوز أن يُحذَفَ الضميرُ العائد إلى الموصول، إن لم يقع بحذفه التباسٌ كقوله تعالى: {ذَرْني ومَنْ خلقتُ وحيداً}، أي: خلقتهُ، وقوله: {فاقضِ ما أنتَ قاضٍ}، أي قاضيه، وقولهم: "ما أنا بالذي قائلٌ لك سوءًا، أي: بالذي هو قائلٌ.