(ال) الجنسية.. للاستغراق أو لبيان الحقيقة. استغراق جميعِ أفرادِ الجنس أو جميعِ خصائصه

ما هي (ال) الجنسية؟

(ألْ الجنسيّةُ): إِما أن تكون للإستغراقِ، أو لبيانِ الحقيقة.

(ال) الاستغراقية:

والإستغراقيّةُ، إما أن تكون لإستغراق جميعِ أفرادِ الجنس. وهي ما تشملُ جميعَ أفرادِه، كقوله تعالى: {وخُلِقَ الإنسانُ ضعيفاً}، أي: كلُّ فردٍ منه.

وإما لإستغراق جميعِ خصائصهِ، مثل: "أنتَ الرجلُ"، أي: اجتمعت فيكَ كلُّ صفاتِ الرجال.
وعلامةُ (ألْ" الإستغراقية أن يَصلُحَ وقوعُ (كلٍّ) موقعَها، كما رأيت.

(ال) لبيان الحقيقة:

و (ألْ)، التي تكونُ لبيانِ الحقيقة: هي التي تُبينُ حقيقة الجنس وماهيّته وطبيعتَه، بقطعِ النظرِ عمّا يَصدُقُ عليه من أفراده، ولذلكَ لا يصحُّ حلولُ (كلٍّ) مَحلَّها.
وتسمى: "لامَ الحقيقةِ والماهيّةِ والطبيّعيةِ"، وذلكَ مثل: "الإنسانُ حيوانٌ ناطقٌ"، أي: حقيقته أنهُ عاقلٌ مدركٌ، وليس كلُّ إنسانٍ كذلك، ومثل: الرَّجلُ أصبرُ من المرأَة"، فليس كلُّ رجلٍ كذلك، فقد يكون من النساءِ مَن تفوقُ بِجَلدِها وصبرها كثيراً من الرجال. فألْ هُنا لتعريف الحقيقةِ غيرَ منظورٍ بها إلى جميع أفرادِ الجنس، بل إلى ماهيَّته من حيثُ هي.

أحكام (ال) الجنسية:

واعلم أنَّ ما تصحبُهُ (ألْ) الجنسيةُ هو في حُكم النكرةِ من حيثُ معناهُ، وإن سبقتهُ (ألْ)، لأن تعريفهُ بها لفظيٌّ لا لا معنويٌّ: فهو في حُكم عَلم الجنس.

وأما المُعرّفُ بِـ (ألْ) العهديّةِ، فهو معرَّفٌ لفظاً، لإقترانه بألْ، ومعنًى، لدلالتِه على مُعَيّنٍ.
والفرقُ بينَ المعرَّف بِـ (أَلْ) الجنسيّةِ وإِسمِ الجنس والنكرة، من وجهين معنويٌّ ولفظيٌّ.
أما من جهة المعنى، فلأنَّ المعرَّفَ بها في حكم المُقيَّد، والعاريَ عنها في حكم المُطلق.

فاذا قلت: "احترم المرأة"، فانما تعني امرأة غير معينة، لها في ذهنك صورة معنوية تدعو إلى احترامها. ولست تعني مطلق امرأة، أي امرأة ما، أية كانت صفتها وأخلاقها، وإذا قلت: "إذا رأيت امرأة مظلومة فانصرها" فانما تعني مطلق امرأة، أية كانت، لا امرأة لها في نفسك صفتك ومميزاتها.

وأما من جهة اللفظِ، فلأنَّ إسمَ الجنس النكرةَ نكرةق لفظاً، كما هو نكرةٌ معنًى. والمعرَّف بِـ (ألْ الجنسيةِ) نكرةٌ معنًى، معرفةٌ لفظاً، لإقترانه بألْ. فهو تَجري عليه أحكامُ المَعارف: كصحة الإبتداءِ مثل: "الحديدُ أنفعُ من الذَّهب"، ومجيءِ الحال منه، مثل: "أكرم الرجلَ عالماً عاملاً".

وإذا وصَلَ مصوبُ (ألْ) الجنسية بجملةٍ مصمونُها وصفٌ له جاز أن تجعلها نعتاً له، باعتبار أَنه نكرةٌ معنًى وأن تجعلها حالاً منه باعتبار أنه مُعرَّفٌ بِألْ تعريفاً لفظياً.
ومن ذلك قول الشاعر:
ولَقَد أمُرُّ على اللَّثيمِ يَسُبُّني + فَمَضَيْتُ، ثُمَّتَ قلْتُ: لا يَعنيني

وقول ُ أبي صخرٍ الهُذَليّ:
وإِنِّي لَتَعروني لذِكْراكِ هِزَّةٌ + كَما انْتَفَضَ الْعُصفورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ

ومثلُ المعرَّف بألْ الجنسيةِ ما أُضيف إلى المعرَّف بها كقول لبيدِ بنِ رَبيعة:
وتُضيءُ في وَجْهِ الظَّلامِ مُنيرةً + كجُمانةِ سُلَّ نِظامُها

فيجوز في جملة (يسبني) أن تكون نعتاً للئيم، وفي جملة (بلله القطرُ) أن تكون نعتاً للعصفور، وفي جملة (سُلّ نظامها) أن تكون نعتاً لجمانة البحري. باعتبار أن مصحوب (ألْ) الجنسية في معنى النكرة.

ويكون التقدير في الأول: على لئيم سابٍ إياي.
وفي الثاني: "كما انتفض عصفور بلل القطر إياه".
وفي الثالث: "كجمانة بحري مسلول نظامها".

ويجوز أن نجعل هذه الجمل حالاً من المذكورات، باعتبار تعريها اللفظي، لأنها محلاّة بألْ الجنسية.
ويكون التقدير: "على اللئيم ساباً إياي"، وكما انتفض العصفور بالاً القطر إياه: "وكجمانة البحري مسلولاً نظامها".

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال