دراسة وشرح وتحليل قصيدة خبز وحشيش وقمر لنزار قباني.. التحليل الأدبي



دراسة وشرح وتحليل قصيدة خبز وحشيش وقمر لنزار قباني:

عندما يولد في الشرق القمر..
فالسطوح البيض تغفو
تحت أكداس الزهر..
يترك الناس الحوانيت و يمضون زمر
لملاقاة القمر..
يحملون الخبز.. و الحاكي..إلى رأس الجبال
و معدات الخدر..
و يبيعون..و يشرون..خيال
و صور..
و يموتون إذا عاش القمر..
***
ما الذي يفعله قرص ضياء؟
ببلادي..
ببلاد الأنبياء..
و بلاد البسطاء..
ماضغي التبغ و تجار الخدر..
ما الذي يفعله فينا القمر؟
فنضيع الكبرياء..
و نعيش لنستجدي السماء..
ما الذي عند السماء؟
لكسالى..ضعفاء..
يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمر..
و يهزون قبور الأولياء..
علها ترزقهم رزاً.. و أطفالاً..قبور الأولياء
و يمدون السجاجيد الأنيقات الطرر..
يتسلون بأفيونٍ نسميه قدر..
و قضاء..
في بلادي.. في بلاد البسطاء..
***
أي ضعفً و انحلال..
يتولانا إذا الضوء تدفق
فالسجاجيد.. و آلاف السلال..
و قداح الشاي .. و الأطفال..تحتل التلال
في بلادي
حيث يبكي الساذجون
و يعيشون على الضوء الذي لا يبصرون..
في بلادي
حيث يحيا الناس من دون عيون..
حيث يبكي الساذجون..
و يصلون..
و يزنون..
و يحيون اتكال..
منذ أن كانوا يعيشون اتكال..
و ينادون الهلال:
" يا هلال..
أيها النبع الذي يمطر ماس..
و حشيشياً..و نعاس..
أيها الرب الرخامي المعلق
أيها الشيء الذي ليس يصدق"..
دمت للشرق..لنا
عنقود ماس
للملايين التي عطلت فيها الحواس
***
في ليالي الشرق لما..
يبلغ البدر تمامه..
يتعرى الشرق من كل كرامه
و نضال..
فالملايين التي تركض من غير نعال..
و التي تؤمن في أربع زوجاتٍ..
و في يوم القيامه..
الملايين التي لا تلتقي بالخبز..
إلا في الخيال..
و التي تسكن في الليل بيوتاً من سعال..
أبداً.. ما عرفت شكل الدواء..
تتردى جثثاً تحت الضياء..
في بلادي.. حيث يبكي الأغبياء..
و يموتون بكاء..
كلما حركهم عودٌ ذليلٌ..و "ليالي"
ذلك الموت الذي ندعوه في الشرق..
"ليالي"..و غناء
في بلادي..
في بلاد البسطاء..
حيث نجتر التواشيح الطويلة..
ذلك السثل الذي يفتك بالشرق..
التواشيح الطويلة..
شرقنا المجتر..تاريخاً
و أحلاماً كسولة..
و خرافاتٍ خوالي..
شرقنا, الباحث عن كل بطولة..
في أبي زيد الهلالي..

القسم الاول:

هي قصيدة من شعر التفعيلة (شعر حديث) استعمل فيها قافية مقيدة ليدل على عمق المأساة التي يعيشها الشعب العربي. استعمل النقاط (...) ليخبرنا ان هناك الكثير يريد الشاعر قوله لكنه لا يستطيع لاسباب مختلفة.
هذه القصيدة هي نقد واضح للمجتمع البشري عامة والعربي خاصة.
فالشاعريرفض العادات والتقاليد المنتشرة والمعمول بها كذلك يرقض حالة التدير التي يعيشها الشعب والبلاد العربية . في القصيدة العديد من السلبيات التي يذكرها الشاعر بغرض الابتعاد عنها ووضع حد لها وحد لهذه الظواهر ويذكر مجموعة من العادات والتقاليد ويصف وصفا دقيقا حالة البلاد العربية والشعب العربي وينعتهم بصفات قاسية سلبية داعيا الى قيام جيل جديد يغير هذا الوضع .
هناك نقطة اثارها رجال الدين ضد الشاعر وهي انه يتهم وبصورة غير مباشرة الدين والانبياء لانهم السبب الى ما وصلت اليه البلاد العربية والشعب العربي وكان الدين هو السبب في التخلف والجهل والبساطة والانحلال الاهلاقي والايمان الاعمى والسلبي

القسم الاول: حتى- ما الذي يفعله قرص ضياء:

الشاعر يوضح ان البلاد الشرفية وخاصة العرب تستغل الليالي المقمرة للسهر والشرب ولذلك ينتظرون اصغر المناسبات للاحتفال والسهر فيتركون اعمالهم واشعالهم ويمضون جماعات جماعات للسهر تحت ضور القمر في الجبال والتلال تحت ضوء القمر يجلسون يسهرون وياكلون ما حملوه من طعام ويسمعون الاغاني ويشربون المحدر بانواعه المختلفة.
وبعج القيام بهذه الاعمال يتخجرون ويتحولون الى خيال انسان والى صور متحركة اي الى اشباه بشر. فيتعجب الشاعر من تاثير ضوء القمر على الشعب العربي والبلاد العربية

القسم الثاني - وقضاء:

الشاعر يتهم الشعب العربي بالسذاجة والاتكالية ويقوم لهم لن تستيقظوا ابدا من غفلتهم لان القمر دائم الطلوع وهم دائمو السهر.
وهنا يتساءل الشاعر ماذا يفعل القمر في البلاد التي ظهر فيها الانبياء الذين هم ثاروا وحررونا من الماسي اما اليوم فنحن بسطاء ساذجون نقبل بكل شي اي حتى اليوم نعيد ونجهر بنفس القصص والماسي القديمة دون العمل ويتساءل مرة اخرى للتاكيد على نفس الفكرة, الشعل العربي أضاع الكبرياء والكرامة وهم يعدون شعبا اتكاليا ويسالون الله ان يحقق لهم امانيهم وان يستجيب لصلواتهم ويساعدهم كالمتسولين ولكن الله لن يساعد شعبا كسولا ضعيفا لا يعمل ولا يقاتل شعب يصل الى قمة التخدير كالاموات فالشاعر يرفض عدة امور وهي حالة التخدير والضعف والكسل والخمول وفقدان الكرامة والكبرياء ويرفض التقاليد المنتشرة بين العرب وهي زيارة قبور الصالحين والاولياء ليطلبوا منهم بالحاح ان يساعدوهم بالرزق والطعام والاولاد كذلك يوجه الشاعر نقدا لمن لا يجد طعام ام حذاء او ثياب لكنه يشتري السجاجيد الثمينة المطرزة لانهم يهتمون بالمناظر الخارجية ثم ينتقد الشاعر طاعة العرب العمياء للقضاء والقدر ويعتبر ذلك كالافيون (المخدرات).

القسم الثالث حتى الاخير (اي من قضاء الى اخر سطر):

الشاعر يتسائل مرة اخرى للتاكيد على الفكرة مرة اخرى. الشعب العربي اضاع الكبرياء والكرامة وهم شعب اتكالي يدعون ويتمنون من الله ان يحقق لهم امانيهم لان الناس يفهمون القصاء والقدر كانه فرض عليهم لذا لا يحاولون تغيير ذلك ابدا ويضعون جميع نكساتهم ومشاكلهم على ظهر القضاء وهنا تكرار على نفس الفكرة وان الناس سيموتون (يغيبون من حياتهم اليومية كانهم ميتين) اذا عاش القمر لانهم يتركون العمل والتفكير في التهضة ويذهبون للذة والتمتع.
يصف الشعب كانه ساذج ولا يهمل على النهضة ويكتفي فقط بالبكاء وهم لا يريدون ذلك الامل وهو امل العمل والنهضة كي لا يعملوا وهم يعيشون دون احساس. صلاتهم شي روتيني لا تحثهم على العمل وهنا يرمز للفواحش واكبر فاحشة هي عدم العمل من اجل الوطن والحرية, يطلبون من ذلك الهلال ان يعطيهم المال والحرية ويريدون ابنفس الوثت الاشياء الجاهزة دون العمل ويطلبون العطاء من شي لا يستطيع ان يعطي فالشاعر يحث الناس على العمل بطريقة غير مباشرةـ الشعب العربي سيبقى ميتا دون الكرامة والنضال
الشاهر يستغرب من عدة امور.

الشعب المخدر تحت ضوء القمر يخاطب القمر كانه الله ويعتبرونه مصدر رزق للمال والمخددرات والتخدير فملايين الناس يعيشون في حالة من التخدير الكامل بعد ان فقدوا الحواس والمشاعر وعندما يصل القمر الى حالة الكمال يصل العرب الى حالة من الكمال التخديري فعندها يفقدون كرامتهم وشخصياتهم وقواهم فالشاعر كما قلنا يستغرب من عدة أمور وهي:
  • المخدرين والملايين منهم مرضى ولا يعرفون شكل الدواء ولا يستطيعون شراءه الا انهم يشترون المخدرات . يستعملونها ويتحولون الى جثث هينة ومخدرة.
  • ملايين المخدرين فقراء لا يملكون احذية بالرغم من ذلك يشترون المخدرات ويتزوجون 4 زوجات.
  • ملايين المخدرين جائعون لا يملكون الطعام والخبز الا في الاوهام وبالرغم من ذلك يشترون مخدرات ويستعملونها.

في الفقرات الاخيرة يسخر الشاعر من بعض الامور التي يمارسها العرب وينتقدها لانه منزعج منها (مثل التواشيح) وسمى العرب بالاغبياء لانهم يبكون فقط ولا يعملون.ومن شدة البكاء يموتون وهنا تكرار نفس الفكرة (اعادة) وهي البكاء دون العمل اما الامور التي ينتقدها الشاعر ويرفضها فهي:
العاطفة الزائدة عند العرب وخاصة عندما يسمعون الاغاني والموسيقى ودقات العود والرقص والغناء والسهرات واعتبر ذلك انه موت قاتل وقضاء ساعات طويلة للاستماع للاغاني هو موت للعرب.
يسخر الشاعر من العرب اليوم لانهم لا يجدون ما يفتخرون به لذلك يفتخرون بامجادهم وبطولاتهم القديمة فيفتخرون بابطال العرب مثل ابي زيد الهلالي فالعرب يكتفون بالاجترار كالحيوانات واعادة الامجاد ومرض العرب الاساسي هو عدم محاولتهم استعادة الامجاد, الشاعر يذم العرب ويحرضهم على الثورة ويسمي الليالي بالموت لانها تقتل الفكر العربي والنضال. الشاعر يريد ثورة للعرب ويريد نضال, يريد حرية وذلك لا ياتي الا عن طريق العمل وهذا ما ينقص العرب.

التحليل الأدبي:

  • (التكرار) وهو اعادة فكرة او كلمة او معنى معين عدة مرات وذلك للتاكيد على اهمية هذه الفكرة أو الكلمة، والتكرار من مميزات الشعر الحديث.
  • ظاهرة التوييس وهي اقتباس كلمة عامية او اجنبية او فصحة او اقتباس فكرة معينة او اي شي مهم والمقصود المعنى البعيد لهذه الكلمة او الفكرة.
  • القصيدة رمزية.
  • القصيدة ساكنة (اخراها سكون) تتلاءم مع سكون العرب فالشاعر يريد ثورة.
  • اسلوب الاستفهام البلاغي (ما الذي يفعله فينا القمر؟...).
  • استعمل مصطلحات دينية (هز قبور الاولياء..).
  • استعمل الشاعر الطباق (كلمتان مثل بعض) والكلمات المتعاكسة ليدل على المفارقة وهو يصف بلاده بلاد الانبياء والابسطاء ونرى الطباق في قوله (يبيعون ويشترون, يموتون اذا عاش القمر) والطباق من شانه ان يؤكد الصورة ويرسخها
  • استعمل النداء وكرر البداية, تكرير البداية يدل على حدة الموقف للشاعر.
إن قوله دمت للشرق فيه سخرية.
واعتمد الشاعر طريقة الشعر الحر او كما يسميه البعض شعر التفعيله وتؤدي قاقية الراء (ر) الساكنة والاسم الممدود الساكن واللام (ل) الساكنة ايقاعات صوتيه ملائمة لاسم الشاعر ومع ذلك في القصيدة شيوع واضح للتعبير النثري (كناية) - مثل الحوانيت اماكن العمل
الجريان - ان يكمل المعنى في البيت الذي يليه (يحملون الخبز..والحاكي.. إلى رأس الجبل ومعدات الخدر).