إذا كانت هنالك منطقة مشتركة بين القانون والأخلاق, وهي تلك التي تتعلق بتصرفات الإنسان ذات الصلة بحياته الاجتماعية وعلاقته بالآخرين في المجتمع، فإن القواعد القانونية قد تختلف في بعض الأحيان عن القواعد الأخلاقية في هذا المجال وتكون أقل شدة منها وأكثر تساهلاً بسبب مقتضيات المصلحة والضرورة.
وهنا يثور التساؤل التالي: لماذا تختلف قواعد القانون عن قواعد الأخلاق في حقل التنظيم الاجتماعي؟
لأن الأخلاق تهدف دوماً إلى الإصلاح التام والكمال المطلق بينما يحرص القانون على مراعاة اعتبارات أخرى كالمصلحة والنفع إلى جانب المثل الأخلاقية التي يحاول تحقيقها.
فالأخلاق مثلاً لا ترض أن يمتنع إنسان عن وفاء دينه مهما مر على هذا الدين من مدة أو زمن دون المطالبة به من صاحبه.
أما القانون فإنه يبيح لهذا الإنسان أن يمتنع عن وفاء دينه بعد فترة معينة من الزمن إذا لم يطالبه به صاحبه خلال هذه الفترة.
وهذا ما يسمى بالتقادم لأنه يعتبر أن المصلحة تقتضي بألا تظل المنازعات القانونية قائمة دوماً ومستمرة.
وكذلك قد يعتبر منافياً للأخلاق أن يغبن البائع المشتري غبناً فاحشاً في ثمن ما يشتريه منه، ولكن القانون قد لا يمانع هذا الغبن إلا في ظروف خاصة، حرصاً على المصلحة التي تقضي باستقرار المعاملات وعدم إفساح المجال لإبطال العقود بصورة واسعة.
وقد أشار الفقيه الفرنسي بورتاليس إلى هذا المعنى حيث قال:
"ما لا يكون مخالفاً للقوانين فهو مشروع، ولكن ليس كل ما هو مطابق للقوانين يكون شريفاً دوماً، لأن القوانين إنما تهتم بالمصلحة السياسية للمجتمع أكثر من اهتمامها بالكمال الخلقي للإنسان".
التسميات
مدخل القانون