الحركة الكشفية في العالم العربي.. مساهمة ظهور الإسلام وانتشاره ونشاط العرب التجاري في تطور المعرفة الجغرافية والكشف الجغرافي

في عام 622م، بعد أن سقطت روما بحوالي 120سنة هاجر الرسول محمد بن عبد الله (ص) من مكة إلى المدينة ليبدأ في نشر رسالته وليحدد لنا بداية لتاريخنا الهجري الذي نميز به فترة العرب عن غيرها من الفترات التاريخية السابقة.

فقد كان لظهور الإسلام، وانتشاره، ولنشاط العرب التجاري أثر كبير في تطور المعرفة الجغرافية والكشف الجغرافي.

فاشتغال العرب بالتجارة في المحيط الهندي وشرق إفريقيا والبحر المتوسط في الأندلس، كان له أبلغ الأثر في اتساع علمهم بالعالم القديم على وجه الخصوص.

وقد استطاع الرحالة العرب والمستكشفون أن يسهموا في زيادة معرفتنا في ثلاثة اتجاهات:

- الأول: ناحية الشرق الأقصى ازدادت اتصالاتهم التجارية بالممالك التي تقع في هذه الجهات، فوصلوا إلى الصين والهند وإيران، كما كانوا أول من عرفوا قارة آسيا بمعنى الكلمة.

فالاسكندر الأكبر استطاع أن يصل حقيقة إلى سيراداريا (Syradarya) لكن تمكَّن المسلمون من عبور جبال (تيان)، والتوغل مئات الأميال إلى الشرق منها، هكذا.

ولذلك فقد وقعت كل مدن وسط آسيا وبخارى وسمرقند وفرغانة وكشجار تحت نفوذهم في الفترة مابين عامي 705ـ714م.

وأول إشارة لوصول العرب إلى الصين قصة التاجر سليمان الذي قام بعدد من الرحلات إلى الهند والصين وذلك في منتصف القرن التاسع الميلادي.

ولعلَّ قصة ألف ليلة وليلة تبرز لنا عن طريق غير مباشر ما حققه العرب في هذا الصدد، إذ جاء على لسان بطلها السندباد؛ أنَّه جاب مشارق الأرض ومغاربها لدرجة أن أسماء الأماكن ومعالمها قد اختلط أمرها عليه.

- الثاني: يرجع للعرب الفضل في أنهم أول من استطاعوا التوغل في الأراضي السودانية التي تقع إلى الجنوب من نطاق الصحراء الكبرى حيث أقاموا صلات تجارية هناك منذ عام 1076م، كما أنهم أول الرواد الذين وصلوا إلى ساحل ناتال، وذلك بالإضافة إلى أنهم اكتشفوا مدغشقر.

- الثالث: كان للعرب أيضاً قصب السبق في محاولة اختراق مناطق الاستبس الأوربية فعن طريق النشاط التجاري تمكنوا من الوصول إلى الأراضي الروسية والبولندية.

وقد كانت أهم الطرق التجارية في الإمبراطورية الإسلامية في ذلك الوقت تبدأ في مدينتي بغداد والبصرة، وتتبع نهري دجلة والفرات إلى الخليج العربي، ومن ثمّ إلى الهند والصين، إضافة إلى جانب طريق فرعي آخر كان يتجه من العراق إلى ساحل إفريقية الشرقي وموانئ البحر الأحمر.

وعلى الرغم من أن التجار العرب فضلوا الطريق البحري في عودتهم من الهند إلا أنهم استخدموا في بعض الأحيان أحد طريقين: أحدهما يبدأ من مصب نهر السند إلى بلوخستان، والآخر من إقليم البنجاب إلى كابول، بالإضافة إلى طريق القوافل الذي يتبع الحدود الشمالية للإمبراطورية والذي كان يسير من سمرقند إلى بحر أورال ومن ثم إلى بحر قزوين وطريزون على البحر الأسود.

فالحوض الأدنى لنهر الفولجا كما كان يخرج من استراباد (Asterabad) على بحر قزوين طريق آخر كان يتجه إلى جورجان (Djordan) على بحر أورال، ومن ثم إلى بلاد القرغيز في جنوب روسيا، وقد كان ملكها على اتصال بكل من مدينتي القسطنطينية وقرطاجة من خلال القرن العاشر الميلادي.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال