اللجنة الدستورية المشكلة طبقاً لدستور الجمهورية الفرنسية الرابعة.. وسيلة للتوفيق والتحكيم داخل البرلمان الفرنسي

أنشأ دستور الجمهورية الفرنسية الرابعة الصادر سنة 1946 هيئة سياسية عهد إليها بمهمة فحص دستورية القوانين قبل إصدارها، وأطلق عليها اسم «اللجنة الدستورية» Le Comité constitutionnel.

ونص على أن تشكل اللجنة برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية رئيس الجمعية الوطنية (مجلس النواب)، ورئيس مجلس الجمهورية (رئيس مجلس الشيوخ)، وسبعة أعضاء تختارهم الجمعية الوطنية من غير أعضائها في بداية كل دورة سنوية على أساس التمثيل النسبي للهيئات السياسية (الأحزاب) وثلاثة أعضاء يختارهم مجلس الجمهورية من غير أعضائه بنفس الطريقة السابقة.

وكانت هذه اللجنة تختص بالتحقق من مدى دستورية القوانين التي أقرتها الجمعية الوطنية، وذلك قبل إصدارها، فإذا وجدت اللجنة أن قانوناً ما (أو بالأحرى مشروع قانون) يتضمن مخالفة للدستور أو تعديلاً لنصوصه، أعادت القانون إلى الجمعية الوطنية، وامتنع على رئيس الجمهورية إصداره إلى أن تقوم الجمعية الوطنية إما بتعديل القانون بحيث يتفق مع أحكام الدستور، وإما أن تقوم بتعديل الدستور ذاته وفقاً للإجراءات المقررة.

وقد انتقدت هذه اللجنة انتقاداً شديداً، سواء من حيث تشكيلها أو من حيث اختصاصاتها، فمما لا شك فيه أن قيام البرلمان باختيار عشرة أعضاء في اللجنة يفقدها استقلالها في مواجهة البرلمان، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، يؤدي مراعاة التمثيل النسبي للأحزاب إلى اختيار أعضاء لا تتوافر فيهم الدراية القانونية التي تتطلبها مهمة فحص دستورية القوانين.

ومن جهة اختصاص اللجنة، فقد كانت رقابة هذه اللجنة متواضعة جداً، خاصة وأنها لا تباشر إلا بصدد القوانين ذات الأهمية الضئيلة للأفراد؛ إذ قصرها المشرع الدستوري على المسائل التي تضمنتها أحكام الأبواب العشرة الأولى من الدستور، وهي التي تنظم السلطات العامة في الدولة، وخرج بذلك من نطاق الرقابة، القوانين التي تصدر مخالفة لمبادئ الحرية أو لأحكام الباب الحادي عشر الخاص ببيان الإجراءات الواجب إتباعها لتعديل الدستور.

وهكذا انتهى الفقه إلى الحكم على هذه اللجنة بضآلة مهمتها وانعدام فائدتها وجدواها، لأنها كانت عبارة عن مجرد وسيلة للتوفيق والتحكيم داخل البرلمان الفرنسي، ولم تحقِّق نجاحاً يذكر في المهمة التي أنشأت من أجلها ألآ وهي الرقابة على دستورية القوانين قبل إصدارها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال