دستور الجمهورية الخامسة وإنشاء المجلس الدستوري.. فحص دستورية القوانين قبل إصدارها والفصل في المنازعات المتعلقة بصحة انتخابات أعضاء مجلسي البرلمان النواب والشيوخ

أخذ دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة الحالي  الصادر في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 1958  بنظام الرقابة الدستورية بواسطة هيئة سياسية أيضاً، وأطلق على هذه الهيئة اسم «المجلس الدستوري» Le Conseil Constitutionnel، وقد أفرد له الدستور المذكور باباً خاصاً هو الباب السابع نص فيه على الأحكام المتعلقة بهذا المجلس، وخصص له المواد من 56 إلى 63.

وطبقاً لنص المادة / 56/ من الدستور الفرنسي فإن المجلس الدستوري يتكون من تسعة أعضاء، تستمر عضويتهم تسع سنوات غير قابلة للتجديد، ويتجدد ثلث أعضائه كل ثلاث سنوات، ويقوم كل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ بتعيين ثلاثة أعضاء.

وبالإضافة إلى هؤلاء الأعضاء التسعة، فإن رؤساء الجمهورية السابقين بحكم منصبهم سيكونون أعضاء في المجلس الدستوري لمدى الحياة.

ويختص رئيس الجمهورية بحق تعيين رئيس المجلس الدستوري من بين أعضاء المجلس الدستوري بما فيهم الأعضاء بحكم المنصب.

ولا شك أن لهذا الحق أهمية خاصة، لأن الدستور ينص على أن لرئيس المجلس الدستوري صوت مرجِّح في حالة تساوي الأصوات.

كما أوضح الدستور أن اختصاصات المجلس الدستوري تتركز في فحص دستورية القوانين قبل إصدارها (المادة 61)، والفصل في المنازعات المتعلقة بصحة انتخابات أعضاء مجلسي البرلمان النواب والشيوخ (المادة 59)، وكذلك الفصل في الطعون الخاصة بعملية انتخاب رئيس الجمهورية (المادة 58)، والاستفتاءات الشعبية عند إجرائها (المادة 60).

وطبقاً للمادة /61/ من الدستور الفرنسي فإنه يجب أن تعرض على المجلس الدستوري القوانين العضوية (الأساسية) قبل إصدارها، ولوائح مجلسي البرلمان قبل تطبيقها ليقرر مدى مطابقتها للدستور.

ويجوز أن يعرض كل من رئيس الجمهورية، أو الوزير الأول، أو رئيس أي من مجلسين البرلمان القوانين العادية على المجلس لفحص دستوريتها قبل إصدارها.

كما يجوز طبقاً للتعديل الدستوري الصادر في 29/10/1974  لستين نائباً من أعضاء الجمعية الوطنية، أو لستين شيخاً من أعضاء مجلس الشيوخ التقدم بطلب إلى المجلس الدستوري لفحص مدى دستورية القوانين التي يسنها البرلمان.

فإذا قرر المجلس الدستوري أن مشروع القانون المعروض عليه يتطابق مع أحكام الدستور، ففي هذه الحالة يقوم رئيس الجمهورية بالمصادقة عليه وإصداره. أما إذا قرر خلاف ذلك، أي عدم مطابقة مشروع القانون مع أحكام الدستور، ففي هذه الحالة يلزم التفرقة بين فرضين:

- الفرض الأول: أن يتضمن القانون المحال إلى المجلس الدستوري نصاً أو بنداً غير دستوري، ولا يمكن فصله عن القانون ككل، ففي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية إصدار القانون الذي تقرر عدم دستوريته.

Section 22: «Where the Constitutional Council declares that a statute referred to it contains a provision that is unconstitutional and inseparable from the statute as a whole، the statute shall not be promulgated».

- الفرض الثاني: أن يتضمن القانون المحال إلى المجلس الدستوري نصاً أو بنداً غير دستوري، ويمكن فصله عن القانون ككل، ففي هذه الحالة يحق لرئيس الجمهورية إما أن يصدر القانون فيما عدا النص المخالف للدستور، أو أن يطلب من مجلسي البرلمان إجراء مداولة جديدة في القانون.

Section 23:«Where the Constitutional Council declares that a statute referred to it contains a provision that is unconstitutional but does not declare that it is inseparable from the statute as a whole، the President of the Republic may either promulgate the statute without the provision in question or ask the two Houses to proceed to a further reading».    

وقد نصت المادة/ 62/ من الدستور على أنه إذا أعلن المجلس الدستوري عدم دستورية نص من النصوص المعروضة عليه فلا يجوز إصداره أو تطبيقه.

كما نصت أيضاً على أن قرارات المجلس الدستوري نهائية وملزمة، أي لا يُقبل الطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن، ومن ثم تصبح واجبة التطبيق من قبل السلطات العامة والهيئات الإدارية والمحاكم القضائية.

ويلاحظ أن معظم الانتقادات التي وجهت إلى المجالس واللجان السابقة تنطبق على هذا المجلس كذلك، فمن ناحية يغلب على تكوينه الطابع السياسي، ومن ناحية أخرى فإن المجلس لا يستطيع أن يباشر من تلقاء نفسه مهمة الرقابة، وأخيراً، ليس للأفراد الحق في الطعن أمام المجلس بعدم دستورية مشروعات القوانين المعروضة على البرلمان.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال