المنهج الموضوعاتي.. إبراز حاجة الدراسة الأدبيّة إلى قراءة جانب مهمّ من الخطاب الأدبي في ضوء نظرية الموضوع باعتباره مقولة نفسيّة بالدرجة الأولى



المنهج الموضوعاتي:

يختلف منهج الموضوعات (التيماتيك) عن المنهج النفساني رغم ما بينهما من الصلات.

المنهج الموضوعاتي والنقد النفساني:

يقول دانايل برجيز في تفسير صلة  القرابة والتنافر بين المنهج الموضوعاتي والنقد النفساني: "وفي الحقيقة فإنّ نقاط الالتقاء بينهما مهمّة فهناك الاهتمام المميّز ذاته بالصور والرغبة ذاتها بتجاوز المعنى الظاهر للنصوص واعتماد القراءة العرضانية للأعمال الأدبيّة (أي قراءة العمل قراءة أفقيّة) وهي قراءة تسمح بعقد المقارنات وإظهار التشكيلات التصويريّة والترسيمات الغالبة... لكنّ هاتين المقاربتين تتعارضان جذريّا في مسألة العلاقة بين الذات المبدعة و عملها الأدبي إذ يميل التحليل النفسي إلى اعتبار العمل الأدبي جملة معقّدة تحيل على وضع نفسي سابق وتلعب دورا تصعيديّا، فالفنّ عن طريق الإيهام يدفع بالرغبة المكبوتة إلى التعبير عن ذاتها، وعلى العكس من ذلك يرى باشلار (وهو رأس منهج الموضوعات) أنّه لا يجب ردّ الصورة إلى تكوّنها وربطها بما يسبقها بل التقاطها عند ولادتها ومعايشتها في صيرورتها".
(نقد الموضوعات ضمن مدخل إلى مناهج النقد الأدبي لمجموعة من الكتّاب تعريب رضوان ظاظا سلسلة عالم المعرفة 221 ص 105).

دراسة الموضوعات والنقد  الغرضي:

ونلحظ من جهة أخرى أنّ كثيرا من الباحثين يخلطون بين دراسة الموضوعات والنقد  الغرضي (الغرض قوة قولية ناظمة للموضوع)، يخلطون بين الدراسات التي تتناول الأدب في موضوعاته مثل الزمن عند الشعراء العرب في قبل الإسلام لعبد الإله صائغ (ط بغداد 1986) أو الإحساس بالزمان في الشعر العربي من الأصول حتّى نهاية القرن الثالث لعلي الغيضاوي  (ط / كلية الآداب منوبة تونس 2001) والدراسات الغرضيّة وهي التي  تحمل في عناوينها أسماء الأغراض كالمدح أو الهجاء أو الغزل أوالاعتذار أو نحوها من الأغراض الرئيسة أو الفرعيّة.

علم الأغراض:

يقول الباحث أحمد الجوّة: "إنّ النقد الأغراضي قد شهد مع قاستون باشلار تطوّرا ملحوظا لمّا أبان هذا الفيلسوف القنوات الأغراضيّة وأوضح أشكالها وتحوّلاتها وعقد صلتها بمتخيّل المؤلّف".
ثمّ أضاف "ومع أنّ الغرض في أجناس الأدب يبدو أمرا واضحا فإنّ السمة متعدّدة الأشكال للأغراض تمثّل سبب التباس مصطلحي إذا اعتبرنا علم الأغراض علما مازال حديث العهد واعتبرنا تطوّره مساعدا على إثارة العلاقة بين اللون والغرض والموضوع المشترك (من الإنشائية إلى الدراسة الأجناسية منشورات كلية الآداب صفاقس تونس 2007) ولئن استشهد الباحث بدراسة محمّد هشام الريفي عن الغرض وهي من الدراسات المهمّة في التمييز بين الغرض والموضوع فإنّه سار على خطاه في الخلط بين الغرض والجنس الأدبي.

أصول الدراسة الغرضيّة:

وإنّنا  نذهب إلى أنّ فهم أصول الدراسة الغرضيّة على تواضع الحاصل المعرفي في مجالها لا يمكن أن تستوي دون الربط المحكم بين هذا المنهج وسائر الدراسات النفسانيّة وذلك لأنّ زاوية النظر التي تعنينا في هذا المقام هي إبراز حاجة الدراسة الأدبيّة إلى قراءة جانب مهمّ من الخطاب الأدبي في ضوء نظرية الموضوع  باعتباره مقولة نفسيّة بالدرجة الأولى.