بعض الآراء في مكانة الجغرافيا ودورها في حماية البيئة.. حماية الطبيعة وحماية الوسط المعيشي للإنسان وتأثير نشاطات الإنسان المختلفة على هذا الوسط



بعض الآراء في مكانة الجغرافيا ودورها في حماية البيئة:

إن الحديث في هذا الموضوع على درجة كبيرة من الأهمية بسبب اختلاف أراء بعض الجغرافيين فيما يتعلق بمكانة الجغرافية، ودورها في حل المشكلات المعاصرة بشكل عام، حيث يمكن تصنيف هذه الآراء بعدة اتجاهات، منها:

1- اتجاه يرى فيه بعض الجغرافيين أن الجغرافية باعتبارها علماً تعاني من النكوص والتقوقع:

ومن تراجع مساهمتها في تطور العلوم وتقدم البشرية، وعدم قدرة مناهجها الحالية على مسايرة التطور المعاصر، منهم (الشنيطي 1969 م)، (أنوشين 1973 م)، و(خير 2000 م) الذي يرى: إن حالة التخبط والقلق التي يعيشها الجغرافيون في هذه الأيام إنما تعزى إلى افتقار الجغرافية إلى تحديد واضح لطبيعتها وموضوع دراستها، كما أن غيابها عن الساحة العملية قد عزز الدعوى القائلة بعدم قدرتها على المشاركة في عمليات التخطيط والتنمية.

كذلك (الطيب 1995) الذي يتحدث عن الدور التاريخي المؤثر الذي كان للجغرافية في تطور الفكر الإنساني، ومعالجة الكثير من المشكلات التي واجهت المجتمع البشري، ولكن رغم ذلك «لا تلعب الجغرافية في المجتمع المعاصر الدور الذي ينبغي أن تلعبه، ولا تضطلع بالمهام التي يمكن أن تؤديها، خاصة في عالمنا العربي، ويتساءل عن أسباب ذلك، وهل تعود للجغرافية بوصفها علماً أو إلى تقصير الجغرافيين أنفسهم».

2- اتجاه آخر، يرى فيه جغرافيون آخرون أنه تم العزوف عن علم الجغرافية مقابل الاهتمام بعلم البيئة:

مع أنهما يتنازعان الموضوع نفسه فيرى الحصري /1986 «إن كلاً من الجغرافية وعلم البيئة يتنازعان الموضوع ذاته، فكلاهما يتوضع على منطقة التلاقي بين علم الحياة وعلم الفيزياء، والكيمياء، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، إلا أنه من الواضح أن البيئيين فرضوا أنفسهم على الرأي العام أكثر من الجغرافيين».

3- اتجاه ثالث لجغرافيين آخرين  يرى عكس ذلك:

«وأن الجغرافية تضم كل ما يتعلق باستخدام الطبيعة، بما في ذلك حماية الطبيعة، وحماية الوسط المعيشي للإنسان، وتأثير نشاطات الإنسان المختلفة على هذا الوسط، (Reimers 1990).

وهذا البعض يرى أيضاً أن الجغرافية كانت وستبقى في طليعة العلوم القادرة على المساهمة في حل المشكلات التي تعاني منها البشرية، بما في ذلك مشكلات حماية البيئة من التلوث، والاستخدام العقلاني للموارد الطبيعية، ووقف سباق التسلح، وكبح جماح الحروب، وحل مشكلات الفقر والانفجار السكاني وغير ذلك.

لأنها بحكم موقعها بين العلوم، وكونها علماً شمولياً تركيبياً قادراً على الربط بين مختلف المسائل، ووضع الحلول المناسبة لها، فيرى شريف / 1996، أن من "أخص خصائص الجغرافية البحث عن العلاقات بين مختلف الظاهرات، ثم تحليل الظاهرات الطبيعية، والبحث عن علاقاتها بالنشاط البشري عامةً».

أما  كاربوف / 1989، فيرى «أن العلاقة بين المجتمع البشري والطبيعة هي علاقة أبدية، وأن هذه المسألة كانت دائماً في مركز اهتمام علم الجغرافية  ولكن هذه المسالة أصبحت الآن مشكلة ذات محتوى جديد، وقد ازدادت تعقيداً واتساعاً، وحلها يحتاج إلى تعاون مختلف العلوم، والجغرافية تستطيع أن تقدم خبرة منهجية لدراسة المشكلات العالمية وحلها».