أوقات الجود عند الجاهليين.. عندما تشح الألبان ويعم الجدب وتهب الرياح الباردة ويتساقط الثلج ويكسو الجليد الأرض



أوقات الجود عند الجاهليين:

كانت الجزيرة العربية تعاني نقصا في الغذاء، لأنهم كانوا يعتمدون في زراعتهم على الأمطار، التي تتأخر حينا، وقد تنحبس حينا آخر، فيعم القحط والجدب.

ويدل استقراء الشعر الجاهلي على أن الشعراء كانوا يختارون وقتا معينا تجود فيه النفوس السمحة بما تملك، عندما تشح الألبان، ويعم الجدب، وتهب الرياح الباردة، ويتساقط الثلج، ويكسو الجليد الأرض.

إقراء الضيف في وقت الشدة:
وها هو مضرس بن ربعي يزهو بإقرائه الضيف في مثل هذه الظروف، فقال:
وإني لأدعو الضيف بالضوء بعدما + كسا الأرض نضاح الجليد وجامده
أبـيت أعشيـه السديـف وإنني + بما نال حتى يترك  الحي حامـده

وقال سنان ين أبي حارثة المري:
وقد يسرت إذا ما الشول روحها + برد العشي بشفـان وصـراد
ثمت أطعمت زادي غير مدخر + أهل المحلة من جار ومن جاد

وقال المسيب بن علس:
وإذا تهيج الريح من صرادها + ثلجا ينيخ النيب بالجعجاع
أحللت بيتك بالجميع وبعضهم + متفرق ليحـل بـالأوزاع

وقال عامر بن الطفيل:
إذا سنة عزت وطال طوالها + وأقحط عنها القطر واصفر عودها
وجدنا كراما لا يحول ضيفنا + إذا جف فوق المنـزلات جليـدها

وقال زهير بن أبي سلمى:
إذا السنة الشهباء بالناس أجحفت + ونال كـرام المال في السنة الأكـل
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم + قطينا لهم  حتـى إذا نبـت البـقل
هنالك إن  يستخبلوا المال يخبلوا + وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا

وانطلقت قصيدة الرثاء من القيم العليا والمثل النبيلة التي تحلى بها أولئك الفرسان الذين سقطوا ذودا عن القبيلة، ويقف على رأس تلك القيم الجود، قال بشربن أبي خازم:
يا سميـر من للنسـاء إذا مـا + قحط القطر أمهات  العيال
كنت غيثا لهن في السنة الشهـ + باء ذات الغبار والإمحـال
المهين الكوم الجـلاد إذا مــا + هبت الريح كل يوم شمـال