وفادة الرسول (ص) إلى المقوقس عظيم القبط.. دعوة للتقارب بين الأديان السماوية الإسلام والمسيحية لمجابهة الوثنية والطوطمية السائدة وقتذاك في بلاد العرب



وفادة الرسول (ص) إلى المقوقس عظيم القبط (6هـ/672م):
في السنة السادسة من الهجرة النبوية الشريفة إلى المدينة ؛ بعث رسول الله (ص) حاطب بن أبي بلتعة  إلى المقوقس عظيم القبط؛ وحمله كتاباً مختوماً بختم الرسول جاء فيه:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من مُحمدٍ رَسوَلُ الله إلى المُقَوقس عظيم القِبط ، سلامٌ على من اتَّبع الهُدَى. أما بعد: فإني  أدعُوك بدعاية الإسلام ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يَؤتك َ الله أجْرَك مرتين، فإن تَوَلَّيْتَ فإنما عليك إثمُ القبط. و(يأَهْلَ الكتَاب تَعَالَوْا إلى كَلَمِةٍ سَوَاءِ بَيْنَنا َ وبَْينكُمْ ألا نِعْبُدَ إلاَّ الله وَلا نُشرِكَ بهِ شَيْئاً، وَلا يَتَّخذ بَعْضُنَا  بَعْضاً أََربَاباً مِن دُونِ الله، فَإنْ تَوَلَّوا فقوُلُوا  أشهدوا بأَنَّا مسلِمونَ)).

قراءة بسيطة لمحتوى الكتاب تظهر دعوة النبي محمد (ص) لعظيم القبط إلى الاعتراف بالإسلام؛ وان عدم ذلك معناه تحمله أثم قومه القبط أضافه إلى إثمه؛ ولعل نص الآية الكريمة يُفصح عن دعوة للتقارب بين الأديان السماوية الإسلام والمسيحية لمجابهة الوثنية والطوطمية السائدة وقتذاك في بلاد العرب.

ويروى إن ذلك الكتاب كان بخط أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ وجاء في صيغة ثانية وردت في صبح الأعشى نصه:
(من مُحمدٍ رسول الله إلى صاحب مصر. أما بعد: فإن الله أرسلني رسولاً، وأنزل عليّ قُرْأناً ، وأمرني بالاعتذار والإنذار, ومُقاتلة الكفار، حتى يدينوا بديني ويَدْخُل الناسُ في مِلّتي، وقد دعَوتُك إلى الإقرار بوحدانيته، فإن فعلْت سَعِدْتَ، وإنْ ابيَيْتَ شقِيتَ، والسلام).

وقد رد المقوقس عظيم القبط بكتاب ٍ وجههُ للنبي (ص) أخبرهُ فيه بالاعتراف بالإسلام؛ وأكرم سفير النبي(ص)؛ إذ دفع له مائة دينار ذهب وأهداه خمسة أثواب؛ وأرسل للنبي جاريتين هما مارية التي تسرى بها الرسول؛ وسيرين التي تزوجها حسان بن ثابت؛ ومن بين الهدية المرسلة للنبي عشرون ثوباً من قباطي مصر وبغلة.

مما تقدم نخلص إلى أن كتاب الرسول (ص) إلى المقوقس جاء نتيجة ايجابية فحواها اعتراف عظيم القبط بالإسلام ديناً وبمحمد (ص) رسولاً, فضلاً عن أكرام سفير الرسول وهدايا ثمينة وجواري اختلفت المصادر التاريخية في عددهن ؛ الا أنها اتفقت على زواج الرسول(ص) من مارية القبطية.

وبالإجمال اتسمت السفارات النبوية السياسية إلى الملوك العرب وشيوخ القبائل العربية كونها خاطبت عقولهم وضمائرهم من عاصمة الإسلام المدينة المنورة، للانضواء تحت راية الإسلام الحنيف والاعتراف بسلطة الرسول (ص) في المدينة وبذلك تكون السلطتين الدنيوية والدينية قد أُنيطتا بشخص النبي.

لذا فمن يعترف في هذه المكاتبات يعني ظاهرياً على الاعتراف بالإسلام وبسلطة الرسول على مناطق واسعة من شبه الجزيرة العربية.

وهكذا فإن هذهِ المكاتبات حملت رغبات حقيقية في إشاعة الأمن والسلام تحت راية الإسلام وبزعامة الرسول القائد؛لتِوحد مناطق شبه الجزيرة العربية.

ولذلك سنتناول أيضا المكاتبات النبوية السياسية إلى الملوك العرب سواء أكانوا في غرب أو جنوب أو شمال شبه الجزيرة ممن عرفوا بمنصب الملك ؛لاسيما أن مناطق نفوذهم أي ممالكهم فيها رعايا يدينون بأديان مختلفة كاليهودية والنصرانية والطوطمية.