الشجاعة في الشعر الجاهلي: ملامح قيمة جوهرية
كان للشعر الجاهلي دور بارز في تجسيد القيم الأخلاقية التي اتّسم بها المجتمع العربي آنذاك، وعلى رأسها قيمة الشجاعة التي احتلّت مكانة مرموقة في منظومة القيم العربية الجاهلية.
فما هي مظاهر الشجاعة التي عبّر عنها شعراء ذلك العصر؟
مظاهر الشجاعة في الشعر الجاهلي:
1. صور الشجاعة وضروبها:
تجسّدت الشجاعة في مختلف أغراض الشعر الجاهلي، وبرزت بشكل خاصّ في غرض الحماسة، حيث كان الشعراء يمجّدون أبطال القبيلة ويخلّدون بطولاتهم في الحروب والمعارك. تنوعّت صور الشجاعة وضروبها، فمنها:
- الشجاعة في المعركة: تمثّلت في الثبات والصبر والجلد في مواجهة الأعداء، وعدم الخوف من الموت، والسعي لتحقيق النصر مهما كلّف ذلك من تضحيات.
- الشجاعة في الدفاع عن النفس والعرض: تمثّلت في حماية النفس من الظلم والعدوان، والدفاع عن العرض والشرف، وعدم التنازل عن الكرامة مهما كانت الظروف.
- الشجاعة في مواجهة الأخطار الطبيعية: تمثّلت في التصدي للظواهر الطبيعية القاسية، مثل العواصف والوحوش، والقدرة على العيش في بيئة صحراوية قاسية.
2. رفض الهزيمة والاستسلام:
ارتبطت الشجاعة برفض الهزيمة والاستسلام، فالجبن والعار كانا من أشدّ ما يخشاه العربيّ الجاهلي، وكان الموت يُفضّل على العيش ذليلاً. عبّر عن ذلك العديد من الشعراء، مثل عدي بن رفاعة الغساني في قوله:
رفعـوا راية الضراب وآلو
ليـذودن سامـر الملحـاء
فصبرن النفوس للطعن حتى
جرت الخيل بيننا في الدماء
ليس من مات فاستراح بميت
إنما الميـت ميـت الأحياء
إنما الميت من يعيـش ذليلا
سيئا بالـه قليـل الرجـاء
3. الشجاعة في المواقف الاجتماعية:
لم تقتصر الشجاعة على ساحات القتال فحسب، بل تجلّت أيضاً في المواقف الاجتماعية، مثل:
- الشجاعة في قول الحق: تمثّلت في الجرأة على قول الحق مهما كان صعباً أو مُخالفاً للرأي العام، وعدم الخوف من بطش الظالمين.
- الشجاعة في العفو: تمثّلت في التسامح مع من أساء، وعدم التمسّك بالثار، والسعي لإصلاح ذات البين.
- الشجاعة في الكرم: تمثّلت في الجود والبذل دون انتظار مقابل، ومساعدة المحتاجين والفقراء.
ختاماً:
لعبت الشجاعة دورًا هامًا في حياة العربيّ الجاهلي، وكانت من أهمّ القيم التي سعى للتحلي بها. وقد جسّد الشعراء تلك القيمة بأروع الصور وأصدقها، ممّا جعلها خالدة في ذاكرة التاريخ العربي.
التسميات
أغراض الشعر الجاهلي