الجاليات العربية في غرب إفريقيا.. الحساسية المطلقة والخوف من جانب الاستعمار الأوربي لأي نوع من النفوذ العربي الإسلامي الثوري



الجالية السورية المنحدرة من سوريا الأم والتي يكون المسلمون فيها الغالبية العظمى إحدي الجاليات العربية التي وفدت إلى غرب إفريقيا، ولعبت هذه الجالية بالرغم من صغر حجمها - مقارنة مع الجالية اللبنانية - دورا مهما وخاصة في شمال نيجيريا في التجارة الداخلية وعملية الاستيراد والتصدير والتوزيع.

وكان العامل الاقتصادي وليس الديني أو السياسي هو الدافع الرئيسي لهجرة "الشوام" من سوريا إلى غرب إفريقيا، حيث عرف الشوام منذ قديم الزمان بنشاطات تجارية واسعة في داخل وخارج المنطقة العربية.

ويشار في هذا المقام إلى أن تلك الحقبة شهدت تعميما لكلمة سوري على كل الوافدين من منطقة الشام القديمة، وهو أمر يرجع في جانب كبير منه إلى الخلفية التاريخية والجغرافية السياسية لهذه المنطقة قبل التقسيم الفرنسي للبلاد في 1920م وعلى الرغم من صغر حجمها.

وكذلك كانت الجالية اليمنية من الجاليات العربية التي هاجرت إلى غرب إفريقيا.
وحسب المعلومات المتوفرة  فإن تمركز هذه الجالية كان في شمال نيجيريا وفي مناطق كانو وميدغوري وغومي في الشمال الشرقي للبلاد.

ومن المعروف أن الموارد الاقتصادية الشحيحة كانت سببا رئيسيا في هجرة الملايين من اليمنيين إلى الخارج.

كما أنه من أهم الجاليات العربية التي سكنت غرب إفريقيا وشمال نيجيريا علي وجه أخص الجالية الليبية.

وقد فرقت السجلات الاستعمارية في إفريقيا بصفة عامة وفي نيجيريا بخاصة، بين نوعين من الليبيين: العرب الطرابلسيين والفزانيين.

وعلى الرغم من الاحتلال الأوربي الاستعماري لمناطق غرب إفريقيا وبالرغم من الآثار الاقتصادية التي ترتبت على تحويل الطرق التجارية من الصحراء إلى المحيطات، وعلى الرغم من تقلص حجم التجارة بين الشمال الإفريقي وبلاد السودان الغربي (الاسم القديم لغرب إفريقيا) إلا أن نوعا من الارتباط التجاري قد استمر بين هذه المناطق بطريقة أو بأخرى وخاصة بين ليبيا وأقاليم إفريقيا جنوب الصحراء.

ولقد انعكست تلك العلاقات في وجود جالية ليبية كبيرة في معظم دول إقليم الساحل والصحراء لاسيما المناطق التقليدية للتجارة عبر الصحراء.

وتعتبر الجالية السودانية أكبر جالية عربية في جمهورية تشاد المتاخمة لنيجيريا إحدى الجاليات الكبيرة المهاجرة في غرب إفريقيا في أيام الحقبة الاستعمارية وخاصة بعد تحويل طريق الحج من مناطق الشمال الإفريقي إلى مايسمى "بطريق السودان" والذي يمر عبر تشاد والسودان حتي مناطق البحر الأحمر.

وعلي الرغم من أن المعلومات المتوفرة لا تعطينا صورة كاملة عن أسباب، ودواعي الهجرة من السودان، إلا أن العامل التجاري كان من بين الدوافع الرئيسية لهذه الهجرة.

ومع ذلك فإن أهم دور الجالية السودانية في كثير من أقاليم إفريقيا كان هو الدورالتعليمي وخاصة على مستوى الثانويات وكليات المعلمين والجامعات على نحو ماتشهد خبرة نيجيريا، وهو ذات الدور الذي تمحور حوله النشاط المصري في تلك الحقبة.

ولقد اقتصر دور "الجالية المصرية" التي لم يظهر لها أي دور اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي أو تعليمي يذكر - في الحقبة الاستعمارية على الميدان التعليمي الذي كان يقوم به الأزهر الشريف من تقديم للمساعدات الثقافية والعلمية للمسلمين، وهو ما يرجع أساسا إلى الحساسية المطلقة والخوف من جانب الاستعمار الأوربي لأي نوع من النفوذ العربي الإسلامي الثوري والذي عرفت به مصر في فترات معينة والذي من شأنه أن يربك أو يعرقل من عملية الهيمنة الاستعمارية على إفريقيا الغربية.

ويظهر أن ثورة عرابي في أواخر القرن التاسع عشر وثورة يوليو 1952م في مصر كانتا مؤشرين واضحين على العداء المصري للوجود الأوربي الاستعماري في افريقيا.

ولقد ظهر النشاط الثقافي والتعليمي والدبلوماسي السياسي المصري قويا على مسرح الأحداث في غرب إفريقيا بعد الاستقلال في الستينيات وكان متجاوبا مع تيار فكرة التعاون الإفريقي - الفكرة الآسيوية الإفريقية - الإفريقية على وجه التحديد.


ليست هناك تعليقات