في خريف عام 1649 م أرسلت ملكة السويد كريستينا (ابنة الملك جوستاف أدولف)(GUSTAV ADOLF) ضابطا كبيرا برتبة أدميرال إلى الفيلسوف المتواري في هولندا والذي كان يُروى عنه دوماً المثل: (عاش سعيداً من توارى في الظل وأمعن في الاختفاء عن الأنظار) تطلب منه المثول إليها إلى استوكهولم لتتعلم على يديه (فن التفكير الصحيح)؟!
كان ديكارت يومها يعيش في هولندا متوارياً، يغير بيته أربعا وعشرين مرة في أقل من عشرين عاماً، قد سمع بأهوال محاكم التفتيش والمصير الذي تعرض له الفيلسوف والعالم الإيطالي (غاليلو)، كما أن حرق جيوردانو برونو الذي دُشِّن به القرن السابع عشر حين أحرق حياً في ساحة عامة في روما، في عام 1600 للميلاد، عن عمر يناهز 52 سنة بعد سجن وإذلال لفترة ثماني سنوات؛ جعلت ديكارت يلجأ إلى هولندا التي انتشر فيها روح التسامح الديني، فكان يسافر إلى فرنسا بين حين لآخر لتدبير أموره المالية، ليعود إلى هولندا يعيش حياته الخاصة بعيداً عن الناس في صحراء اجتماعية، ولكن في جنة فلسفية.
وفي هذه الدوحة الفلسفية كان يقطف ثمرات يانعة للفكر الإنساني، وفيها أنضج معظم أفكاره فكتب معظم مؤلفاته بما فيها أعظم كتاب له، الذي اشتهر به وهو (المقال على المنهج) الذي أرسى فيه القواعد الأساسية للوصول الى الحقيقة في العلوم.