خطوات منهج التحليل البنيوي عند كلود ليفي شتراوس.. مرحلة وصفية وأخرى تجريدية نظرية تختص بالانطلاق من عدد محدود من الوقائع الدالة التي تميزت عند الملاحظة



منهج التحليل البنيوي لدى شتراوس

تتم خطوات منهج التحليل البنيوي لدى شتراوس عبر مرحلتين:

- المرحلة الأولى:

وصفية يتوفر فيها الباحث على ملاحظة أكبر عدد ممكن من الظواهر، ويحللها بجميع تنويعاتها واختلافاتها.

- المرحلة الثانية:

تجريدية نظرية تختص بالانطلاق من عدد محدود من الوقائع الدالة التي تميزت عند الملاحظة، لتكوين نماذج منطقية جديرة بأن تشرح بقية الظواهر بدقة علمية.

الدراسة البنيوية للنص الأدبي:

وعى العموم يركز المهتم بالدراسات البنيوية على البنية الداخلية للنص الأدبي، أي الاهتمام باللغة والجوانب الفنية والجمالية بعيدا عن المؤثرات الخارجية.
وقد بدأ المنهج البنيوي في منتصف العقد الثاني من القرن العشرين مع عالم اللغة فرديناند دي سوسير الذي اكتشف علما جديدا يهتم باللغة وهو علم اللسانيات.
إن بهذا المنهج الجديد قطع العلاقة مع المناهج التقليدية التي تشتغل على اللغة واهتم بدراسة اللغة في ذاتها ولذاتها ابتعادا عن نشأتها وعلاقتها بالعوامل الخارجية المؤثرة فيها.
وقبل سوسير هناك دعوات أخرى ابتدأت مع الشكلانيين الروس وازدهرت مع تودوروف وجاكبسون الذي أكد على الاهتمام بأدبية النص الأدبي أي ما يجعل من العمل الأدبي أدبا.
ولتبسيط المنهج البنيوي للقارئ المغربي وبصفة خاصة للمهتمين بالنقد الأدبي نشير إلى أن البنيوية منهج وصفي يستند في دراسة النص الأدبي على مرحلتين دراسيتين هما:

1- مرحلة التفكيك:

أي تفكيك النص الأدبي إلى تمفصلاته باعتبار أن النص بنية متكاملة ينبغي دراستها في إطار واحد فكل بنية لها علاقة بالبنية المجاورة، فلا ينبغي الاهتمام بالمؤثرات الخارجية التي أنتجت هذا النص الأدبي، إذن الاهتمام ينبغي أن يبقى منصبا على اللغة ولا شيء غير اللغة في حركية دائمة مع الصور والموسيقى وتعدد وتنوع الألفاظ، و استقراء الدوال الداخلية للنص.

2- مرحلة التركيب:

أي بناء ما فككه الناقد في إطار لغوي شمولي لا يخرج عن بنية النص، لأن النص بنية موحدة متكاملة ينبغي الحفاظ على نسقيتها وهو ما يسمى بـ: الكلية/الشمولية.
والبنيوية تتبع النص الأدبي في حركيته عندما ينزاح من حالة إلى أخرى وهذا ما يسمى بـ: التحولات أي تحول العمل الأدبي من الماضي إلى الحاضر أو تحول الصورة من حالة إلى أخرى معاكسة ويسمى هذا التحول عند بعض النقاد بالانزياح.
كما يعتمد الناقد البنيوي في دراسته على الضبط الذاتي أي ما يجعل العمل الأدبي قادرا على إعادة تنظيم نفسه ويبقى منسجما أي ما يجعل النص خاضعا لقانون الكلية.
والمنهج البنيوي يعتبر العمل الأدبي كلا شاملا مكونا من عناصر مختلفة متكاملةفيما بينها، ودراستهافي نفسها أولا وفيعلاقاتها المتبادلة تحددفي نهاية الأمر البنية الأدبية المتكاملة.
ولهذا فإن البنيوية منهج في التحليل الأدبي وتصور فلسفي يبعد الخارج عن النص ويهتم بالبنية الداخلية فقط في علاقتها وانسجامها الداخلي.
ولهذا فإن البنية الأدبية ليست شيئا حسيايمكن إدراكه، بل هي تصور ذهني تجريدي يعتمد على الرموز، خلاف الاعتقادالشائع الذي يربط البنية بالتصميم المادي الداخلي للأعمال الأدبية.

مستويات دراسات البنيوية:

وتعتمد البنيوية في دراستها على مستويات مختلفة:

- المستوى الصوتي:

دراسة النص على مستوى الحروف وتكويناتها والإيقاع الموسيقي الذي تحدته في علاقتها فيما بينها.

- المستوى الصرفي:

دراسة الوحدات الصرفية ووظيفتهافي التركيب اللغوي.

- المستوى المعجمي:

يهتم بالخصائص الحسية والتجريدية للكلمات.

- المستوى النحوي:

ويهتم بتأليف وتراكيب الجمل وخصائصها الدلالية.

- المستوى القولي:

يهتم بتراكيب الجمل الكبرى وخصائصها.

- المستوى الدلالي:

يحلل المعاني بالاستفادة من علم النفس وعلم الاجتماع.

- المستوى الرمزي:

يكشف الأبعاد الدلالية والرمزية للغة أو التأويل.

خلاصة:

يعتمد المنهج البنيوي في دراسته على ركيزتين هما: البنية وموت الكاتب، أي دراسة النص من الداخل في درجة الصفر في الكتابة وهذا ما يسمى عند البنيويين بموت الكاتب أي عدم الاهتمام بشخصيته ولا بالظروف المحيطة به، وقد استفادت البنيوية من علوم أخرى كاللسانيات والأنتروبولوجيا وعلم النفس، لكنها ظلت أداة للنظر وتحليل النصوص ولم تتطور إلى علم قائم بذاته.