صلاحيات ومهام المحتسب.. مراقبة الأخلاق العامّة والأسعار والموازين والمكاييل والمقاييس في الأسواق لمنع الغش والتنقيص والزيادة

صلاحيات ومهام المحتسب كثيرة, ومنها:
- مراقبة التجار وأصحاب الحرف.
- مراقبة الأسعار والموازين والمكاييل والمقاييس في الأسواق لمنع الغش والتنقيص والزيادة.
- مراقبة الأخلاق العامّة، مثل: منع تعاطي الخمور ومنع السحرة والتحرش بالنساء في الطرقات.
- مراقبة العبادات، مثل: صوم رمضان والصلاة في وقتها.
- مراقبة الأبنية والطرقات في المدن.

المحتسب من نصَّبه السلطان أو نائبه للنظر في أمور الرعيَّة، يأمرهم بما يُوافق الشرع ويَنهاهم‏ عما يخالفه، في أعمالهم الدينيَّة والدنيويَّة، مما ليس من اختصاص القضاة والولاة والجُباة. وهو داخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فله النظر في كل ما يهمُّ المسلمين في أسواقهم‏ ومجتمعاتهم ومعاملاتهم بعضهم مع بعض، ويُعين من يراه أهلا لذلك من الأعوان.
فهو يبحث‏ عن المنكرات ويعزِّر عليها، يعاقب بحسب أهميتها ومقدارها، وعلى حسب منزلة مرتكبها، كما سيأتي تفصيل ذلك بعد.

وشرط المنكر الذي يكون للمحتسب التعرُّض له: أن يُفعل علانية على مرأى من الناس‏ ومسمع.
فمن ارتكب معصيةً خفيَّة في داره وأغلق عليه بابه لا يجوز للمحتسب أن يتجسَّس‏ عليه، إلا أن يكون ذلك في انتهاك محرم بدئ في الشروع فيه ولم يتم بعد، كما إذا أخبره من‏ يثق بصدقه أن رجلاً خلا بامرأة ليزني بها، فيجوز له حينئذ أن يتجسس ويبحث، حذراً من‏ فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم وارتكاب المحظورات.

أصناف المحتسب: 

المحتسب صنفان:

1- محتسبٌ يُعيِّنه السلطان أو نائبه للنظر في شؤون الرعيَّة والكشف عن أعمالهم، فيأمر بما يُوافق الشرع وينهى عما يخالفه، كما تقدَّم ذلك.

2- محتسب مُتطوع يرى منكراً فينكره، أو يأمر بمعروف يرى الناس قد تركوه. وبينهما فرق من جهات عدَّة:

(أ) أنَّ الأمر والنهي فرض عين على الأول بحكم ولايته، وفرض كفاية على الثاني، فإذا قام به‏ غيره سقط عنه الحرج والإثم: كصلاة الجنازة، وردِّ السلام على غيره.

(ب) أن قيام الأول به من واجبات عمله التي لا يجوز أن يتشاغل عنها بغيرها، وقيام‏ الثاني به من النوافل التي يجوز أن يتشاغل عنها بغيرها.

(جـ) أنَّ الأول له أن يتخذ على الإنكار أعواناً؛ لأنَّه عمل هو له منصوب وإليه مندوب، وليكون أقدر على القهر والغلبة، وليس كذلك الثاني.

(د) أنَّ الأول له أن يعزِّر في المنكرات الظاهرة بضرب ونحوه، ولا يتجاوز بها بحيث‏ تصل إلى الحدود الشرعيَّة المقدَّرة، وليس للثاني ذلك.

والفرق بين المحتسب والقاضي: 
أنَّه لا يجوز للمحتسب النظر في الدعاوى الخارجة عن ظواهر المنكرات.
فلا ينظر في العقود والقروض ونحو ذلك، إلا إذا كان مُعترفاً بها.  أما ما يدخله الإنكار والجحد ويحتاج إلى البيِّنة أو شهادة الشهود، فهذا وظيفة القاضي لا وظيفة المحتسب.

ويزيدُ على القاضي معه وجوه عدة:

(أ) أنَّ له أن يتعرَّض للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن لم يحضر خصم يطلب منه‏ ذلك.
وليس للقاضي أن يتعرَّض لذلك إلا بحضور خصم يشتكي، ولو تعرَّض لذلك خرج عن‏ حدود وظيفته.

(ب) أنَّ له من القوة والجبروت ما ليس للقاضي؛ لأنَّ الحسبة موضوعة على الرهبة والتخويف، فإذا أغلظ المحتسب في القول وكان سليط اللسان لا يُعد هذا منه خروجاً عن عمله.

(ج) أنَّ له أن يبحث عن المنكرات التي ترتكب علانية ليقوم بأداء وظيفته بإنكارها، وليس ذلك لغيره.

ويوافق عمل القاضي من ناحيتين:

1- أنه يجوز تقديم الشكوى إليه وسماعه دعوى المشتكي في حقوق العباد التي تتعلق‏ ببخس في ثمن أو تطفيف في كيل أو وزن، أو تدليس في بيع أو ثمن، أو تأخير دين مستحق‏ مع إمكان دفعه.

فهذه كلها منكرات ظاهرة وظيفته إزالتها، إذ من أعمال الحسبة إيصال الحقوق إلى ذويها والمعونة على استيفائها.

2- أن له أن يُلزم المدَّعى عليه بدفع الحق الذي وجب عليه باعتراف أو إقرار مع وجود اليسار؛ لأن في تأخيره منكراً، لقوله عليه الصلاة السلام: (مطل الغني ظلم) [أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة].

والفرق بين المحتسب وقاضي المظالم (القاضي الجنائي):
أنَّ النظر في المظالم يكون فيما يعجز عنه القاضي، والحسبة فيما يرفّه عن القاضي.
ويشتركان في أنَّ عمل كل منهما مبني على الرهبة المستمدة من سلطان الحكومة، وأن كلا منهما لا يتعرض إلا لعدوان ظاهر لا خفاء فيه؟.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال